للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك منه، وضعته في موضع البيت، وانطلقت حتى أتت الصفا، فصعدت فوقه تنظر هل مات بعد أم لا، فجعلت تدعو الله تعالى له، ثم نزلت حتى أتت بطن الوادي فسعت فيه ثم خرجت تمشي حتى أتت المروة، فصعدت فوقها تنظر هل مات بعد أم لا، وكانا حجرين إلى البيت، ففعلت ذلك سبع مرات، فهذا أصل السعي بين الصفا والمروة.

نا أحمد نا يونس عن هشام بن عروة عن أبيه، في هذه الآية: «إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ» «١» [١٩] الآية، فقلت لعائشة: لو أن انساناً حج فلم يطف بين الصفا والمروة ما ظننت أن عليه برحاً، قالت: فاتل علي، فتلوت عليها:

«فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما» «٢» فقالت: لو كان كما تقول كان: «فلا جناح عليه ألا يطوف بهما، وإنما نزلت هذه الآية في أناس من قريش كانوا يحرمون لمناة ولا يحل في دينهم أن يطوفوا بين الصفا والمروة، فلما أسلموا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:

«إنا كنا نحرم لمناة فلا يحل لنا في ديننا أن نطوف بين الصفا والمروة» فأنزل الله عز وجل الآية: «إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ» فقالت عائشة: هما من شعائر الله، فما أتم الله حج من لم يطف بهما.

نا أحمد نا يونس عن يوسف بن ميمون عن عطاء بن أبي رباح أنه سئل عن رمي الجمار فقال: إن إبراهيم أتى البيت الحرام فصلى به، ثم راح حتى أتى منى في بعض الليل فانطلق حتى أتى الشجرة فعرض له الشيطان، فرماه إبراهيم بسبعة أحجار، يكبر مع كل حجر، فذهب عنه، ثم مضى حتى أتى مكان الجمرة التي يليها عرض له الشيطان، فرماه بسبعة أحجار، يكبر «٣» مع كل حجر، فذهب عنه، ثم مضى حتى أتى موضع الجمرة الثالثة عرض له الشيطان، فرماه بسبعة أحجار يكبر مع كل حجر، فذهب عنه، فلما بعث الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم اقتص ما صنع إبراهيم فصنع مثله.


(١) البقرة: ١٥٨.
(٢) البقرة: ١٥٨.
(٣) في ع فكبر.

<<  <   >  >>