للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

" والآزفة ... القريبة العاجلة ... هي القيامة، واللفظ يصورها كأنها زاحفة والأنفاس من ثم مكروبة لاهثة، وكأنما القلوب المكروبة تضغط على الحناجر، وهم كاظمون لأنفاسهم ولآلامهم ولمخاوفهم، والكظم يكربهم، ويثقل على صدورهم، وهم لا يجدون حميماً يعطف عليهم، ولا شفيعاً ذا كلمة تطاع في هذا الموقف العصيب المكروب " (١) .

٦- وما كان هؤلاء في حكم الله مجرمين متمردين على خالقهم وإلههم، مستكبرين عن عبادته وطاعته - فإنه يؤتى بهم إلى ربهم وخالقهم مقرنين في الأصفاد، مسربلين بالقطران تغشى وجوههم النار، ويا لفظاعة حالهم، وعظم ما يلقون (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ وَبَرَزُواْ للهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ - وَتَرَى الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ - سَرَابِيلُهُم مِّن قَطِرَانٍ وَتَغْشَى وُجُوهَهُمْ النَّارُ) [إبراهيم: ٤٨-٥٠] .

يقول الطبري رحمه الله في تفسير هذه الآيات: " وتعاين الذين كفروا بالله، فاجترموا في الدنيا الشرك يومئذ، يعني يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات، (مُّقَرَّنِينَ فِي الأَصْفَادِ) [إبراهيم: ٤٩] ، يقول: مقرنة أيديهم وأرجلهم إلى رقابهم بالأصفاد، وهي الوثاق من غل وسلسلة، واحدها صفد " (٢) .

والسرابيل: هي القمص التي يلبسونها، والقطران: المادة التي تطلى بها الإبل إذا أصابها الجرب، وقيل: القطران النحاس.

٧- وتدنو الشمس من رؤوس العباد في ذلك اليوم حتى لا يكون بينها وبينهم إلا


(١) في ضلال القرآن: (٦/٣٠٧٤) .
(٢) تفسير ابن جرير الطبري: (١٣/٢٥٤) .

<<  <   >  >>