المضروب لأخذهم الأخذة الأخيرة، التي لا إمهال بعدها، ولا فكاك منها، أخذهم في اليوم العصيب الذي تشخص فيه الأبصار من الفزع والهلع، فتظل مبهوتة مذهولة، مأخوذة بالهول لا تطرف ولا تتحرك.
ثم يرسم مشهداً للقوم في زحمة الهول..، مشهدهم مسرعين لا يلوون على شيء، ولا يلتفتون إلى شيء، رافعين رؤوسهم، لا عن إرادة، ولكنها مشدودة، لا يملكون لها حراكاً. يمتد بصرهم إلى ما يشاهدون من الرعب، فلا يطرف ولا يرتد إليهم، وقلوبهم من الفزع خاوية خالية، لا تضم شيئاً يعونه أو يحفظونه، أو يتذكرونه، فهي هواء خاوية. هذا هو اليوم الذي يؤخرهم الله إليه، حيث يقفون في هذا الموقف، ويعانون هذا الرعب، الذي يرتسم من خلال هذه المقاطع الأربعة، مذهلاً آخذاً بهم كالطائر الصغير في مخالب الباشق الرعيب:(إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ - مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء)[إبراهيم: ٤٢-٤٣] .
فالسرعة المهرولة المدفوعة، في الهيئة الشاخصة المكروهة المشدودة، مع القلب المفزع الطائر الخاوي من كل وعي من الإدراك.. كلها تشي بالهول الذي تشخص فيه الأبصار " (١) .
٥- ويصور القرآن الفزع الذي يسيطر على نفوس الكفار في يوم الموقف العظيم فيقول:(وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)[غافر: ١٨] .