للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فقال الغلام: يا أمير المؤمنين، إنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، فإذا منح الله عبدًا لسانًا لافظًا، وقلبا حافظًا، فقد أجاد له الاختيار، ولو أن الأمور بالسن لكان هاهنا من هو أحق بمجلسك منك، فقال له عمر: صدقت، فتكلم، فهذا السحر الحلال، فقال: يا أمير المؤمنين نحن وفد التهنئة ولا وفد المزرية، لم تقدمنا إليك رغبة ولا رهبة، لأنا قد أمنا في أيامك ما خفنا، وأدركنا ما طلبنا، فسأل عمر عن سن الغلام، فقيل عشر سنين.

وأنشدنا الحافظ أبو الظفر الكلبي بلفظه من حفظه لبعضهم:

رَأيتُ العقلَ لم يكن انْتِهَابَا ... وَلم يُقسم علَي قدرِ السنينَا

فَلَوْ أنّ السنينَ تَقَاسَمَتْهُ ... حَوَى الآباءُ أنصبهَ السنِينَا

وأنشدنا أيضًا لبعضهم:

فإن خلّفتهُ السنُّ فالعقلُ بالغٌ ... بهِ رتبهَ الكَهلِ المؤملِ للمجْدِ

فقدْ كَان يَحْيى أُوتي الحمن قبلَهُ ... صَبيًّا وعيسيَ كلّمَ النَّاسَ فِي المهْدِ

ولبعضهم:

إنّ الحداثةَ لا تقصر بالفتيَ المرزُوقِ دهنَا

لكنْ تزكي قلبَه فيفوقْ أكبر منْهُ سنَّا

وقد خرج بنا القول عن قصدنا، فلنعد لما كنا بسبيله، فنقول: وسمعت من أول جزء أبي الجهم المذكور إلى حديث سوار بن مصعب بن عبد الله رحمه الله، وذلك نحو نصف الجزء علي الأشياخ الثقاة المسندين أبي حفص عمر بن أحمد بن عبد الدائم بن نعمة المقدسي، وأبي محمد عيسي بن أبي محمد بن عبد الرزاق المغازي، وأبي محمد عبد الرحمن بن عمر بن صومع الديرقانوني

<<  <   >  >>