للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أمتي قائماً على الصراط يرعد كما ترعد السّعَفة في ريح عاصف، فجاءه حُسْنُ ظنهِ بالله عزّ وجلّ، فسَكن رعدَتَهُ ومضى.

ورأيت رجلاً من أمتي يزحفُ على الصراط، ويحبوا أحياناً، ويتعلق أحياناً، فجاءته صلاته، فأقامته على قدميه، وأنقذته.

ورأيت رجلاً من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة، فغلقت الأبواب دونه، فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله، ففتحت له الأبواب، وأدخلته الجنة) .

رواه الحافظ أبو موسى المديني في كتاب (الترغيب في الخصال المنجية، والترهيب من الخلال المردية) ، وبنى كتابه عليه وجعله شرحاً له، وقال: هذا حديث حسن جداً، رواه عن سعيد بن المسيب: عمرو بن آزر، وعلي بن زيد بن جدعان، وهلال أبو جبلة. وكان شيخ الإسلام ابن تيمية، قدس الله روحه، يعظم شأن هذا الحديث، وبلغني عنه أنه كان يقول: شواهد الصحة عليه.

والمقصود منه قوله صلى الله عليه وسلم: (ورأيت رجلاً من أمتي قد احتوشته الشياطين، فجاءه ذكر الله عزّ وجلّ، فطرد الشيطان عنه) فهذا مطابق لحديث الحارث الأشعري (١) .

وقوله فيه: (وآمركم بذكر الله عزّ وجلّ، وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو، فانطلقوا في طلبه سِراعاً، وانطلق حتى أتى حصناً حَصيناً، فأحرز نفسه فيه) .

فكذلك الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله عزّ وجلّ، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا خرج من بيته فقال: بسم الله، توكلتُ على الله، لا حول ولا قوة إلا بالله، يقال له حينئذ: هُدِيت وكفُيتَ ووُقِيتَ، فيتَنَحّى له الشيطان، ويقول شيطان آخر: كيف لك برجل قد هدِي وكُفي ووُقي؟) . رواه أبو داود، وروى الترمذي إلى قوله: (له الشيطان) (٢) .

وصح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، في يوم مائة مرة، كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت


(١) الوابل الصيب: ص١٤٤.
(٢) مشكاة المصابيح: ١/٧٤٩. ورقمه: ١٤٤٢.

<<  <   >  >>