خلق الله الجن للغاية نفسها التي خلق الإنس من أجلها:(وما خلقت الجنَّ والإنس إلاَّ ليعبدون)[الذاريات: ٥٦] .
فالجن على ذلك مكلفون بأوامر ونواهٍ، فمن أطاع رضي الله عنه، وأدخله الجنة، ومن عصى وتمرد، فله النار، يدلّ على ذلك نصوص كثيرة.
ففي يوم القيامة يقول الله مخاطباً كفرة الجن والإنس موبخاً مبكتاً:(يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسلٌ منكم يقصُّون عليكم آيَاتِي وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا وغرَّتهم الحياة الدُّنيا وشهدوا على أنفسهم أنَّهم كانوا كافرين)[الأنعام: ١٣٠] .
ففي هذه الآيات دليل على بلوغ شرع الله الجن، وأنه قد جاءهم من ينذرهم ويبلغهم.
والدليل على أنهم سيعذبون في النار قوله تعالى:(قال ادخلوا في أممٍ قد خلت من قبلكم من الجن والإنس في النَّار)[الأعراف: ٣٨] ، وقال:(ولقد ذرأنا لجهنَّم كثيراً من الجن والإنس)[الأعراف: ١٧٩] ، وقال:(لأملأنَّ جهنَّم من الجنَّة والنَّاس أجمعين)[السجدة: ١٣] . والدليل على أن المؤمنين من الجن يدخلون الجنة قوله تعالى:(ولمن خاف مقام ربه جنَّتان - فَبِأَيِّ آلاء ربكما تكذبان)[الرحمن: ٤٦-٤٧] .
والخطاب هنا للجن والإنس؛ لأن الحديث في مطلع السورة معهما، وفي الآية السابقة امتنان من الله على مؤمني الجن بأنهم سيدخلون الجنة، ولولا أنهم ينالون ذلك لما امتن عليهم به.
يقول ابن مفلح في كتابه الفروع: " الجن مكلفون في الجملة إجماعاً، يدخل كافرهم النار إجماعاً، ويدخل مؤمنهم