للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مما كانوا فيه. وهذا يدل على أن الشيطان يكاد يجعل الإنسان في عماية لا يرى الحق ولا يبصره بما يلقيه عليه من غشاوة، وما يغشي به القلب من الشبهات والشكوك.

وأخبرنا الرسول صلى الله عليه وسلم أن الشيطان قال لرب العزة: (وعزتك يا رب لا أبرح أغوي عبادك ما دامت أرواحهم في أجسادهم، فقال الربّ: وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني) . رواه أحمد في مسنده، والحاكم في مستدركه (١) .

هذه حال عباد الله: الرجوع من قريب، والتوبة والإنابة إلى الله، ولهم في ذلك أسوة بأبيهم آدم، فإنه لما أكل من الشجرة، تلقى من ربه كلمات فتاب عليه، وتوجه آدم وزوجه إلى الله قائلين: (ربَّنا ظلمنا أنفسنا وإن لَّم تغفر لنا وترحمنا لنكوننّ من الخاسرين) [الأعراف: ٢٣] .

أما أولياء الشيطان فهم كما قال الله فيهم: (وإخوانهم يمدُّونهم في الْغَيِّ ثمَّ لا يقصرون) [الأعراف: ٢٠٢] .

والمراد بإخوانهم هنا: إخوان الشياطين من الإنس كقوله: (إنَّ المبذرين كانوا إخوان الشَّياطين) [الإسراء: ٢٧] ، وهم أتباعهم والمستمعون لهم، القابلون لأوامرهم يمدونهم في الغيّ: أي بالتزيين والتحسين للذنوب والمعاصي، بلا كلل ولا ملل. كقوله: (ألم تر أنَّا أرسلنا الشَّياطين على الكافرين تؤزُّهم أزّاً) [مريم: ٨٣] .

تاسعاً: أزل اللبس والغموض الذي يدخل الشيطان منه إلى النفوس:

لا تقف مواقف الشبهة، وإذا حدث ذلك فَوَضّحْ للناس حالك، حتى لا تدع للشيطان فرصة الوسوسة في صدور المسلمين، ولك أسوة في رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا.

روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن صفية بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفاً، فأتيته


(١) صحيح الجامع: ٢/٧٢.

<<  <   >  >>