للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وكيلاً) [الإسراء: ٦٥] . (وما كان له عليهم من سلطانٍ إلاَّ لنعلم من يؤمن بالآخرة ممَّن هو منها في شكٍ) [سبأ: ٢١] .

ومعنى ذلك أن الشيطان ليس له طريق يتسلط بها عليهم، لا من جهة الحجة، ولا من جهة القدرة، والشيطان يدرك هذه الحقيقة: (قال رب بما أغويتني لأزيننَّ لهم في الأرض ولأغوينَّهم أجمعين - إلاَّ عبادك منهم المخلصين) [الحجر: ٣٩-٤٠] .

وإنما يتسلط على العباد الذين يرضون بفكره، ويتابعونه عن رضا وطواعية: (إنَّ عبادي ليس لك عليهم سلطان إلاَّ من اتبَّعك من الغاوين) [الحجر: ٤٢] . وفي يوم القيامة يقول الشيطان لأتباعه الذين أضلهم وأهلكهم: (وما كان لي عليكم من سلطانٍ إلاَّ أن دعوتكم فاستجبتم لي) [إبراهيم: ٢٢] .

وفي آية أخرى: (إنَّما سلطانه على الَّذين يتولَّونه والَّذين هم به مشركون) [النحل: ١٠٠] .

والسلطان الذي أعطيه الشيطان هو تسلطه عليهم بالإغواء والإضلال، وتمكنه منهم، بحيث يؤزهم على الكفر والشرك ويزعجهم إليه، ولا يدعهم يتركونه، كما قال تعالى: (ألم تر أنَّا أرسلنا الشَّياطين على الكافرين تؤزُّهم أزاً) [مريم: ٨٣] ، ومعنى تؤزهم: تحركهم وتهيجهم.

وسلطان الشيطان على أوليائه ليس لهم فيه حجّة وبرهان، وإنما استجابوا له بمجرد دعوته إياهم، لما وافقت أهواءَهم وأغراضهم، فهم الذين أعانوا على أنفسهم، ومكنوا عدوهم من سلطانه عليهم بموافقته ومتابعته، فلما أعطوا بأيديهم، واستأسروا له، سُلّط عليهم عقوبةً لهم. فالله لا يجعل للشيطان على العبد سلطاناً، حتى يجعل له العبد سبيلاً بطاعته والشرك به، فجعل الله حينئذٍ له عليه تسلطاً وقهراً.

<<  <   >  >>