في تفسير هذه الآية: " ثم لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الغالب، وهذا مثل لوسوسته إليهم، وتسويله لهم ما أمكنه وقدر عليه كقوله:(واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك)[الإسراء: ٦٤](١) .
تحذير الرحمن من الشياطين:
وقد أطال القرآن في تحذيرنا من الشيطان لعظم فتنته، ومهارته في الإضلال، ودأبه وحرصه على ذلك:(يا بني آدم لا يفتننَّكم الشَّيطان)[الأعراف: ٢٧] .
وقال:(إنَّ الشَّيطان لكم عدٌّ فاتَّخذوه عدوّاً)[فاطر: ٦] ، وقال:(ومن يتَّخذ الشَّيطان وليّاً من دون الله فقد خسر خسراناً مُّبيناً)[النساء: ١١٩] . وعداوة الشيطان لا تحول ولا تزول؛ لأنه يرى أن طرده ولعنه وإخراجه من الجنة كان بسبب أبينا آدم، فلا بدّ أن ينتقم من آدم وذريته من بعده:(قال أَرَأَيْتَكَ هذا الَّذي كرَّمت عَلَيَّ لئِن أخَّرتن إلى يوم القيامة لأَحْتَنِكَنَّ ذريَّته إلاَّ قليلاً)[الإسراء: ٦٢] .
وأرباب السلوك اعتنوا بذكر النفس وعيوبها وآفاتها، ولكنهم قصّروا في التعرف على عدوهم اللدود.