للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإذا تمكن الشيطان من الإنسان تمكناً كلياً، فإنه ينسيه الله بالكلية: (استحوذ عليهم الشَّيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشَّيطان ألا إنَّ حزب الشَّيطان هم الخاسرون) [المجادلة: ١٩] . وهؤلاء هم المنافقون، كما دلت عليه الآية السابقة لهذه الآية. وسبيل التذكر هو ذكر الله؛ لأنه يطرد الشيطان: (واذكر ربَّك إذا نسيت) [الكهف: ٢٤] .

٨- تخويف المؤمنين أولياءَه:

ومن وسائله أن يخوف المؤمنين من جنده وأوليائه، فلا يجاهدونهم، ولا يأمرونهم بالمعروف، ولا ينهونهم عن المنكر، وهذا من أعظم كيده بأهل الإيمان، وقد أخبرنا سبحانه عن هذا فقال: (إنَّما ذلكم الشَّيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مُّؤمنين) [آل عمران: ١٧٥] .

والمعنى: يخوفكم بأوليائه، قال قتادة: " يعظمهم في صدوركم، ولهذا قال: (فلا تخافوهم وخافون إن كنتم مُّؤمنين) ، فكلما قوي إيمان العبد زال من قلبه خوف أولياء الشيطان، وكلما ضعف إيمانه قوي خوفه منهم ".

٩- دخوله إلى النفس من الباب الذي تحبه وتهواه:

يقول ابن القيم في هذا الموضوع: " إن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم، حتى يصادف نفسه ويخالطها، ويسألها عمّا تحبه وتؤثره، فإذا عرفه استعان بها على العبد، ودخل عليه من هذا الباب، وكذلك عَلّم إخوانه وأولياءَه من الإنس، إذا أرادوا أغراضهم الفاسدة من بعضهم بعضاً أن يدخلوا عليهم من الباب الذي يحبونه ويهوونه، فإنّه باب لا يخذل عن حاجته من دخل منه، ومن رام الدخول من غيره، فالباب عليه مسدود، وهو عن طريق مقصده مصدود " (١) .


(١) إغاثة اللهفان: ١/١٣٢.

<<  <   >  >>