" من أول أساليب الخداع التي سُلكت معي، أن طريقة الاستحضار، استغفار وتهليل وأذكار، مما يجعل الإنسان لأول وهلة، يظن أنه يتحدث مع أرواح علوية صادقة طاهرة.
دخلت بيت الوسيط، وخلونا معاً في غرفة، وجلس هو على فراش، وبدأنا - بدلالته طبعاً نستغفر ونهلل - حتى أخذته إغفاءة، فَأضجعته أنا على فراشه، وسجيته بغطاء، كما علمني أن أفعل، وإذا بصوت خافت، يسلم صاحبه عليّ، ويظهر حفاوته بي وحبه، ويعرفني بنفسه، إنه مخلوق، يزعم أنه ليس من الملائكة، ولا من الجنّ، ولكنه خلق آخر، من نوع آخر، وُجد بقوله تعالى " كن " فكان.
وهذا على زعمه أنّ الجن لا يصدرون إلا عن أمره، وأن بينه وبين الله تعالى في تلقي الأوامر خمس وسائط فقط، خامسهم جبريل عليه السلام.
وأخذ يثني عليّ، ويقول: إنهم سيقطعون كل علاقة لهم بالبشر، وسيكتفون بلقائي، لأني على زعمهم صاحب الخصوصية في هذا العصر، وموضع العناية من الله تعالى، وأن الله تعالى هو الذي اختارني لذلك.
ووعدني بوعود رائعة، فيها العجب العجاب.
واستسلمت لهذه التجربة الجديدة، والدعوة الخادعة، متوكلاً على الله عزّ وجلّ، سائلاً الله تعالى أن يعصمني من الزلل، وأن يهديني إلى الحقّ المبين، مستضيئاً بنور العلم، سالكاً سبيل الاستقامة، والحمد لله تعالى.
ولما انقضى اللقاء الأول، دعاني إلى لقاء آخر، في موعد آخر، ثم دلني هو نفسه على تلاوة خاصة؛ لإيقاظ الوسيط من غيبوبته.
وكان ذلك، وجلس الوسيط، وعرك عينيه، كأنه انتبه من نوم عميق،