للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[ثانيا: القراءة التقويمية]

موضوع هذه الرسالة (في تحقيق معنى النظم والصياغة) ، ومصطلح النظم والصياغة يقابل في الدرس الحديث الصورة البلاغية. وابن كمال في هذه الدراسة يلتقي مع الشيخ عبد القاهر الجرجاني (ت ٤٧١ هـ) ، بل لا نعدو الحقيقة إذا قلنا أنه يكشف عن بعض الجوانب الغامضة في آراء (شيخه) كما يحب أن يدعوه. وهو ينحو باللائمة على مدرسة السكاكي وما خلّفته من جمود كان له الأثر السلبي في الدرس البلاغي النقدي.

والنظم والصياغة عند ابن كمال هما الوعاء الذي يختزن التجربة الشعورية عند الأديب، فهما ليسا زينة عارضة تطرأ على المعنى الأصلي بقدر ما هما جسر لتحقيق الصورة الفنية الموحية، يقول ابن كمال/ س ٩٥ أ/: " اعلم أن أساس البلاغة وقاعدة الفصاحة نظم الكلام، لا بمعنى ضمّ بعضها إلى بعض كيف جاء واتفق، بل بمعنى ترتيبها على حسب ترتيب المعاني في النفس، فهو إذاً نظم يعتبر فيه حال المنظوم بعضه مع بعض، ولهذا كان عند أرباب هذه الصناعة نظيراً للنسج والوشي والصياغة وما أشبه ذلك. مما يوجب اعتبار الأجزاء بعضها مع بعض حتى يكون لِوَضْع كل منها حيث وُضِع علّة تقتضي كونه هناك وحتى لو وضع مكان غيره لم يصلح ".

وحتى يؤكد ما يذهب إليه يعمد إلى النقل عن عبد القاهر الجرجاني، فهما متفقان على أن عملية الصياغة إنما هي محصلة ما يحدثه السياق من صور وأحاسيس وفكر وصوت

<<  <   >  >>