ومن العلماء من يجيب عن هذا الشاهد ونحوه بأن " أل " إنما هي هنا بعض كلمة، وأصلها " الذين " فحذف ما عدا الالف واللام، قال هؤلاء: ليس حذف بعض الكلمة وإبقاء بعضها بعجب في العربية، وهذا لبيد بن ربيعة العامري يقول: درس المنا بمتالع فأبان أراد " المنازل " فحذف حرفين لغير ترخيم. وهذا رؤبة يقول: أو الفا مكة من ورق الحمى أراد " الحمام " فحذف الميم ثم قلب فتحة الميم كسرة والالف ياء، وقد قال الشاعر، وهو أقرب شئ إلى ما نحن بصدده: وإن الذي حانت بفلج دماؤهم هم القوم كل القوم يا أم خالد أراد " وإن الذين " بدليل ضمير جماعة الذكور في قوله " دماؤهم " وقوله فيما بعد " هم القوم " وعليه خرجوا قول الله تعالى: (وخضتم كالذي خاضوا) أي كالذين خاضوا - وفي الآية تخريجان آخران، أحدهما: أن الذي موصول حرفي كما، أي وخضتم كخوضهم، وثانيهما: أن الذي موصول اسمي صفة لموصوف محذوف، والعائد إليه من الصلة محذوف أي: وخضتم كالخوض الذي خاضوه قالوا: وربما حذف الشاعر الكلمة كلها، فلم يبق منها إلا حرفا واحدا، ومن ذلك قول الشاعر: نادوهم: أن ألجموا، ألاتا، قالوا جميعا كلهم: ألافا فإن هذا الراجز أراد في الشطر الاول " ألا تركبون " فحذف ولم يبق إلا التاء، وحذف من الثاني الذي هو الجواب فلم يبق إلا حرف العطف، وأصله " ألا فاركبوا ". وبعض العلماء يجعل الحروف التي تفتتح بها بعض سور القرآن - نحو ألم، حم، ص - من هذا القبيل، فيقولون: ألم أصله: أنا الله أعلم، أو ما أشبه ذلك، وانظر مع هذا ما ذكرناه في شرح الشاهد رقم ٣١ ٦ الآتي في باب الترخيم. قلت: وهذا الذي ذهبوا إليه ليس إلا قياما من ورطة للوقوع في ورطة أخرى أشد =