الحمد لله المنعوت بجميل الصفات، وصلى الله على سيدنا محمد أشرف الكائنات، المبعوث بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، وعلى آله وصحبه الذين نصبوا أنفسهم للدفاع عن بيضة الدين حتى رفع الله بهم مناره، وأعلى كلمته،
وجعله دينه المرضي، وطريقه المستقيم.
وبعد، فقد كان مما جرى به القضاء أني كتبت منذ أربع سنوات كتاب تعليقات على كتاب الخلاصة (الألفية) الذي صنفه إمام النحاة، أبو عبد الله جمال الدين محمد ابن مالك المولود بجيان سنة ستمائة من الهجرة، والمتوفى في دمشق سنة اثنتين وسبعين وستمائة، وعلى شرحه الذي صنفه قاضي القضاة بهاء الدين عبد الله بن عقيل، المصري، الهاشمي، المولود في سنة ثمان وتسعين وستمائة، والمتوفى في سنة تسع وستين وسبعمائة من الهجرة، ولم يكن يدور بخلدي - علم الله - أن تعليقاتي هذه ستحوز قبول الناس ورضاهم، وأنها ستحل من أنفسهم المحل الذي حلته، بل كنت أقول في نفسي:" إنه أثر يذكرني به الإخوان والأبناء، ولعله يجلب لي دعوة رجل صالح فأكون بذلك من الفائزين ".
ثم جرت الأيام بغير ما كنت أرتقب، فإذا الكتاب يروق قراءه، وينال منهم الإعجاب كل الإعجاب، وإذا هم يطلبون إلي في إلحاح أن أعيد طبعه، ولم يكن قد مضى على ظهوره سنتان، ولم أشأ أن أجيب هذه الرغبة إلا بعد أن أعيد النظر فيه، فأصلح ما عسى أن يكون قد فرط مني، أو أتمم بحثا، أو أبدل عبارة بعبارة أسهل منها وأدنى إلى القصد، أو أضبط مثالا أو كلمة غفلت عن