وفي هذا المثال قرينة - وهي كون الخبر ماضيا - على أن المراد نفي الخلق في الماضي، وقوله تعالى: (ألا يوم يأتيهم ليس مصروفا عنهم) يشتمل على قرينة تدل على أن المراد نفي صرفه عنهم فيما يستقبل من الزمان، ومن أجل ذلك كله قالوا: هي حرف. ويرد ذلك عليهم قبولها علامات الفعل، ألا ترى أن تاء التأنيث الساكنة تدخل عليها، فتقول: ليست هند مفلحة، وأن تاء الفاعل تدخل عليها، فتقول: لست، ولست، ولستما، ولستم، ولستن. وأما عدم دلالتها على الحدث كسائر الافعال فإنه منازع فيه، لان المحقق الرضي ذهب إلى أن " ليس " دالة على حدث - وهو الانتفاء - ولئن سلمنا أنها لا تدل على حدث - كما هو الراجح، بل الصحيح عند الجمهور - فإنا نقول: إن عدم دلالتها على حدث - ليس هو بأصل الوضع، ولكنه طارئ عليها وعارض لها بسبب دلالتها على النفي، والمعتبر إنما هو الدلالة بحسب الوضع وأصل اللغة، وهي من هذه الجهة دالة عليه، فلا يضرها أن يطرأ عليها ذلك الطارئ فيمنعها. =