وقد شرح الكتاب - غير هؤلاء - الكثير من العلماء، ولست تجد شرحا من هذه الشروح لم يتناوله العلماء: بالكتابة عليه، وبيان ما فيه من إشارات، وإكمال ما عسى أن يشتمل عليه من نقص، وكل ذلك ببركة صاحب الأصل المشروح،
وبما ذاع له بين أساطين العلم من شهرة بالفقه في العربية وسعة الباع.
وهذه الشروح مختلفة، ففيها المختصر، وفيها المطول، فيها المتعقب صاحبه للناظم يتحامل عليه، ويتلمس له المزالق، وفيها المتحيز له، والمصحح لكل ما يجئ به، وفيها الذي اتخذ صاحبه طريقا وسطا بين الإيجاز والإطناب، والتحامل والتحيز.
ومن هؤلاء الذين سلكوا طريقا بين الطريقين بهاء الدين بن عقيل، فإنه لم يعمد إلى الإيجاز حتى يترك بعض القواعد الهامة، ولم يقصد إلى الإطناب، فيجمع من هنا ومن هنا، ويبين جميع مذاهب العلماء ووجوه استدلالهم، ولم يتعسف في نقد الناظم: بحق، وبغير حق، كما لم ينحز له بحيث يتقبل كل ما يجئ به: وافق الصواب، أو لم يوافقه.
ولصاحب هذا الشرح من الشهرة في الفن والبراعة فيه، ومن البركة والإخلاص ما دفع علماء العربية إلى قراءة كتابه والاكتفاء به عن أكثر شروح الخلاصة.
وقد أردت أن أقوم لهذا الكتاب بعمل أتقرب به إلى الله تعالى، فرأيت - في أول الأمر - أن أتمم ما قصر فيه من البحث: فأبين اختلاف النحويين واستدلالاتهم ثم نظرت فإذا ذلك يخرج بالكتاب عن أصل الغرض منه، وقد يكون الإطناب باعثا على الازورار عنه، ونحن في زمن أقل ما فيه من عاب أنك لا تجد راغبا في علوم العرب إلا في القليل النادر، لأنهم قوم ذهبت مدنيتهم، ودالت دولتهم، وأصبحت الغلبة لغيرهم.
فاكتفيت بما لا بد منه، من إعراب أبيات الألفية، وشرح الشواهد شرحا وسطا بين الاقتصار والإسهاب، وبيان بعض المباحث التي أشار إليها الشارح أو أغفلها بتة في عبارة واضحة وفي إيجاز دقيق، والتذييل بخلاصة مختصرة في تصريف الأفعال، فإن