٣٣٧٤٧ - حَدَّثَنَا عَفَّانُ، قَالَ ثنا أَبُو عَوَانَةَ، قَالَ ثنا حُصَيْنٌ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ، قَالَ: جَاءَ سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ حِينَ نَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ وَمَعَهُ النَّاسُ , قَالَ: فَمَا أَدْرِي لَعَلَّنَا أَنْ لَا نَزِيدَ عَلَى سَبْعَةِ آلَافٍ أَوْ ثَمَانِيَةِ آلَافٍ: بَيْنَ ذَلِكَ , وَالْمُشْرِكُونَ ثَلَاثُونَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ , مَعَهُمُ الْفُيُولُ , قَالَ: فَلَمَّا نَزَلُوا قَالُوا لَنَا: ارْجِعُوا وَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا , وَلَا نَرَى لَكُمْ قُوَّةً وَلَا سِلَاحًا , فَارْجِعُوا , قَالَ: قُلْنَا: مَا نَحْنُ بِرَاجِعِينَ , قَالَ: وَجَعَلُوا يَضْحَكُونَ بِنَبْلِنَا وَيَقُولُونَ: دُوكْ يُشَبِّهُونَهَا بِالْمُغَازَلِ , قَالَ: فَلَمَّا أَبَيْنَا عَلَيْهِمْ قَالُوا: ابْعَثُوا إِلَيْنَا رَجُلًا عَاقِلًا يُخْبِرُنَا بِالَّذِي جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنَّا لَا نَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ: فَقَالَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ: أَنَا , قَالَ: فَعَبَرَ إِلَيْهِمْ , قَالَ فَجَلَسَ مَعَ رُسْتُمَ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ فَنَخَرَ وَنَخَرُوا حِينَ جَلَسَ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ , قَالَ: قَالَ الْمُغِيرَةُ: مَا زَادَنِي فِي مَجْلِسِي هَذَا وَلَا نَقَصَ صَاحِبَكُمْ , قَالَ: فَقَالَ: أَخْبِرُونِي مَا جَاءَ بِكُمْ مِنْ بِلَادِكُمْ , فَإِنِّي لَا أَرَى لَكُمْ عَدَدًا وَلَا عُدَّةً , قَالَ: فَقَالَ: كُنَّا قَوْمًا فِي شَقَاءٍ وَضَلَالَةٍ فَبَعَثَ اللَّهُ فِينَا نَبِيَّنَا فَهَدَانَا اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ وَرَزَقَنَا عَلَى يَدَيْهِ , فَكَانَ فِيمَا رَزَقَنَا حَبَّةٌ زَعَمُوا أَنَّهَا تَنْبُتُ بِهَذِهِ الْأَرْضِ , فَلَمَّا أَكَلْنَا مِنْهَا وَأَطْعَمْنَا مِنْهَا أَهْلِينَا قَالُوا: لَا خَيْرَ لَنَا حَتَّى تَنْزِلُوا هَذِهِ الْبِلَادَ فَنَأْكُلُ هَذِهِ الْحَبَّةَ , قَالَ: فَقَالَ رُسْتُمُ: إِذًا نَقْتُلُكُمْ , قَالَ: فَإِنْ قَتَلْتُمُونَا دَخَلْنَا الْجَنَّةَ , وَإِنْ قَتَلْنَاكُمْ دَخَلْتُمُ النَّارَ , وَإِلَّا أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ , قَالَ: فَلَمَّا قَالَ «أَعْطَيْتُمُ الْجِزْيَةَ» قَالَ: صَاحُو وَنَخَرُوا وَقَالُوا: لَا صُلْحَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ , قَالَ: فَقَالَ الْمُغِيرَةُ: أَتَعْبُرُونَ إِلَيْنَا أَوْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ , قَالَ: فَقَالَ رُسْتُمُ: بَلْ نَعْبُرُ إِلَيْكُمْ , قَالَ فَاسْتَأْخَرَ مِنْهُ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى عَبَرَ مِنْهُمْ مَنْ عَبَرَ , قَالَ: فَحَمَلَ عَلَيْهِمُ الْمُسْلِمُونَ فَقَتَلُوهُمْ وَهَزَمُوهُمْ قَالَ حُصَيْنٌ: كَانَ مَلِكُهُمْ رُسْتُمُ مِنْ أَهْلِ أَذَرْبِيجَانَ , قَالَ حُصَيْنٌ: وَسَمِعْتُ شَيْخًا مِنَّا يُقَالُ لَهُ عُبَيْدُ بْنُ جَحْشٍ: قَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُنَا نَمْشِي عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , نَعْبُرُ الْخَنْدَقَ عَلَى ظُهُورِ الرِّجَالِ , مَا مَسَّهُمْ سِلَاحٌ , قَدْ قَتَلَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , قَالَ: وَوَجَدْنَا جِرَابًا فِيهِ كَافُورٌ , قَالَ: فَحَسِبْنَاهُ مِلْحًا لَا نَشُكُّ فِيهِ أَنَّهُ مِلْحٌ قَالَ: فَطَبَخْنَا لَحْمًا فَطَرَحْنَا مِنْهُ فِيهِ , فَلَمَّا لَمْ نَجِدْ لَهُ طَعْمًا فَمَرَّ بِنَا عِبَادِيٌّ مَعَهُ قَمِيصٌ , قَالَ: فَقَالَ: يَا ⦗٥٥٢⦘ مَعْشَرَ الْمُعْرِبِينَ , لَا تُفْسِدُوا طَعَامَكُمْ فَإِنَّ مِلْحَ هَذِهِ الْأَرْضِ لَا خَيْرَ فِيهِ , هَلْ لَكُمْ أَنْ أُعْطِيَكُمْ فِيهِ هَذَا الْقَمِيصَ؟ , قَالَ: فَأَعْطَانَا بِهِ قَمِيصًا , فَأَعْطَيْنَاهُ صَاحِبًا لَنَا فَلَبِسَهُ , قَالَ: فَجَعَلْنَا نُطِيفُ بِهِ وَنَعْجَبُ مِنْهُ , قَالَ: فَإِذَا ثَمَنُ الْقَمِيصِ حِينَ عَرَفْنَا الثِّيَابَ دِرْهَمَانِ , قَالَ: وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي أَشَرْتُ إِلَى رَجُلٍ وَإِنَّ عَلَيْهِ لَسِوَارَيْنِ مِنْ ذَهَبٍ وَإِنَّ سِلَاحَهُ تَحَتَّ فِي قَبْرٍ مِنْ تِلْكَ الْقُبُورِ , وَأَشَرْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ إِلَيْنَا , قَالَ: فَمَا كَلَّمْنَاهُ حَتَّى ضَرَبْنَا عُنُقَهُ , فَهَزَمْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغُوا الْفُرَاتَ , قَالَ: فَرَكِبْنَا فَطَلَبْنَاهُمْ فَانْهَزَمُوا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى الْمَدَائِنِ , قَالَ: فَنَزَلْنَا كَوْثًا , قَالَ: وَمُسَلَّحَةً لِلْمُشْرِكِينَ بِدَيْرِ الْمِسْلَاخِ فَأَتَتْهُمْ خَيْلُ الْمُسْلِمِينَ فَتُقَاتِلُهُمْ , فَانْهَزَمَتْ مُسَلَّحَةُ الْمُشْرِكِينَ حَتَّى لَحِقُوا بِالْمَدَائِنِ , وَسَارَ الْمُسْلِمُونَ حَتَّى نَزَلُوا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ , وَعَبَرَ طَائِفَةٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كَلِوَاذِيٍّ مِنْ أَسْفَلَ مِنَ الْمَدَائِنِ فَحَصَرُوهُمْ حَتَّى مَا يَجِدُونَ طَعَامًا إِلَّا كِلَابَهُمْ وَسَنَانِيرَهُمْ , قَالَ: فَتَحَمَّلُوا فِي لَيْلَةٍ حَتَّى أَتَوْا جَلُولَاءَ , قَالَ: فَسَارَ إِلَيْهِمْ سَعْدٌ بِالنَّاسِ وَعَلَى مُقَدِّمَتِهِ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ , قَالَ: وَهِيَ الْوَقْعَةُ الَّتِي كَانَتْ , قَالَ: فَأَهْلَكَهُمُ اللَّهُ وَانْطَلَقَ فَلُّهُمْ إِلَى نَهَاوَنْدَ , قَالَ: وَقَالَ أَبُو وَائِلٍ: إِنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا انْهَزَمُوا مِنْ جَلُولَاءَ أَتَوْا نَهَاوَنْدَ , قَالَ: فَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ , وَعَلَى أَهْلِ الْبَصْرَةِ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ السُّلَمِيَّ , قَالَ: فَأَتَى عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ فَقَالَ لَهُ: أَعْطِنِي فَرَسِي وَسِلَاحَ مِثْلِي , قَالَ: نَعَمْ , أُعْطِيكَ مِنْ مَالِي , قَالَ: فَقَالَ لَهُ عَمْرُو بْنُ مَعْدِي كَرِبَ: وَاللَّهِ لَقَدْ هَاجَيْنَاكُمْ وَقَاتَلْنَاكُمْ فَمَا أَجَبْنَاكُمْ , وَسَأَلْنَاكُمْ فَمَا أَنَجَلْنَاكُمْ , قَالَ حُصَيْنٌ: وَكَانَ النُّعْمَانُ بْنُ مُقَرَّنٍ عَلَى كَسْكَرَ , قَالَ فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , إِنَّ مَثَلِي وَمَثَلَ كَسْكَرَ كَمَثَلِ رَجُلٍ شَابٍّ عِنْدَ مُومِسَةٍ تُلَوَّنُ لَهُ وَتُعَطَّرُ , وَإِنِّي أَنْشُدُكَ بِاللَّهِ لَمَّا عَزَلْتَنِي عَنْ كَسْكَرَ , وَبَعَثْتَنِي فِي جَيْشٍ مِنْ جُيُوشِ الْمُسْلِمِينَ , قَالَ: فَكَتَبَ إِلَيْهِ: سِرْ إِلَى النَّاسِ بِنَهَاوَنْدَ فَأَنْتَ عَلَيْهِمْ , قَالَ فَسَارَ إِلَيْهِمْ فَالْتَقَوْا , فَكَانَ أَوَّلَ قَتِيلٍ , قَالَ: وَأَخَذَ سُوَيْدُ بْنُ مُقَرَّنٍ الرَّايَةَ فَفَتَحَ اللَّهُ لَهُمْ وَأَهْلَكَ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ , فَلَمْ يَقُمْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ بَعْدُ يَوْمَئِذٍ , قَالَ: وَكَانَ أَهْلُ كُلِّ مِصْرٍ يَسِيرُونَ إِلَى عَدُوِّهِمْ فِي بِلَادِهِمْ , قَالَ حُصَيْنٌ: لَمَّا هُزِمَ الْمُشْرِكُونَ مِنَ الْمَدَائِنِ لَحِقَهُمْ بِجَلُولَاءَ ثُمَّ رَجَعَ وَبَعَثَ عَمَّارُ بْنُ يَاسِرٍ , فَسَارَ حَتَّى نَزَلَ الْمَدَائِنَ , قَالَ: وَأَرَادَ أَنْ يَنْزِلَهَا بِالنَّاسِ , فَاجْتَوَاهَا النَّاسُ وَكَرِهُوهَا , فَبَلَغَ عُمَرَ أَنَّ النَّاسَ كَرِهُوهَا فَسَأَلَ: هَلْ يَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالُوا: لَا , لِأَنَّ بِهَا الْبَعُوضَ , قَالَ: فَقَالَ عُمَرُ: فَإِنَّ الْعَرَبَ لَا تَصْلُحُ بِأَرْضٍ لَا يَصْلُحُ بِهَا الْإِبِلُ , قَالَ: فَارْجِعُوا , قَالَ: فَلَقِيَ سَعْدٌ عِبَادِيًّا , قَالَ: فَقَالَ: أَنَا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَرْضٍ ارْتَفَعَتْ مِنَ الْبَقَّةِ وَتَطَأْطَأَتْ مِنَ السَّبْخَةِ وَتَوَسَّطَتِ الرِّيفَ وَطَعَنَتْ فِي أَنْفِ التُّرْبَةِ , قَالَ: أَرْضٌ بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْفُرَاتِ