للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٤٦٠٨ - غُنْدَرٌ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ يَعْلَى بْنِ عَطَاءٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي تَمِيمُ بْنُ غَيْلَانَ بْنِ سَلَمَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ مَرِيضٌ فَقَالَ: يَا أَبَا الدَّرْدَاءِ، إِنَّكَ قَدْ أَصْبَحْتَ عَلَى جَنَاحِ فِرَاقِ الدُّنْيَا، فَمُرْنِي بِأَمْرٍ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، وَأَذْكُرُكَ بِهِ، فَقَالَ: «إِنَّكَ مِنْ أُمَّةٍ مُعَافَاةٍ، فَأَقِمِ الصَّلَاةَ، وَأَدِّ الزَّكَاةَ إِنْ كَانَ لَكَ ⦗١١٤⦘ مَالٌ، وَصُمْ رَمَضَانَ، وَاجْتَنِبْ الْفَوَاحِشَ، ثُمَّ أَبْشِرْ»، فَأَعَادَ الرَّجُلُ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ مِثْلَ ذَلِكَ، فَنَفَضَ الرَّجُلُ رِدَاءَهُ، ثُمَّ قَالَ: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ} [البقرة: ١٥٩]، إِلَى قَوْلِهِ: {وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ} [البقرة: ١٥٩]، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «عَلَيَّ بِالرَّجُلِ»، فَجَاءَ، فَقَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: «مَا قُلْتُ؟»، قَالَ: كُنْتُ رَجُلًا مُعَلَّمًا، عِنْدَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَيْسَ عِنْدِي، فَأَرَدْتُ أَنْ تُحَدِّثَنِي بِمَا يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهِ، فَلَمْ تَرُدَّ عَلَيَّ إِلَّا قَوْلًا وَاحِدًا، فَقَالَ لَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ: " اجْلِسْ ثُمَّ اعْقِلْ مَا أَقُولُ لَكَ: أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا عَرْضُ ذِرَاعَيْنِ فِي طُولِ أَرْبَعِ أَذْرُعٍ، أَقْبَلَ بِكَ أَهْلُكَ الَّذِينَ كَانُوا لَا يُحِبُّونَ فِرَاقَكَ وَجُلَسَاؤُكَ وَإِخْوَانُكَ فَأَتْقَنُوا عَلَيْكَ الْبُنْيَانَ وَأَكْثَرُوا عَلَيْكَ التُّرَابَ وَتَرَكُوكَ لِمِثْلِكَ ذَلِكَ، وَجَاءَكَ مَلَكَانِ أَسْوَدَانِ أَزْرَقَانِ جَعْدَانِ، أَسْمَاهُمَا مُنْكَرٌ وَنَكِيرٌ، فَأَجْلَسَاكَ، ثُمَّ سَأَلَاكَ: مَا أَنْتَ وَعَلَى مَاذَا كُنْتَ؟ وَمَا تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ؟ فَإِنْ قُلْتَ: وَاللَّهِ مَا أَدْرِي، سَمِعْتُ النَّاسَ قَالُوا قَوْلًا فَقُلْتُ قَوْلَ النَّاسِ، فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ، وَإِنْ قُلْتَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ كِتَابَهُ، فَآمَنْتُ بِهِ وَبِمَا جَاءَ بِهِ، فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ، وَلَنْ تَسْتَطِيعَ ذَلِكَ إِلَّا بِتَثْبِيتٍ مِنَ اللَّهِ مَعَ مَا تَرَى مِنَ الشِّدَّةِ وَالتَّخْوِيفِ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا مَوْضِعُ قَدَمَيْكَ، وَيَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفِ سَنَةٍ، النَّاسُ فِيهِ قِيَامٌ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَلَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّ عَرْشِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأُدْنِيَتِ الشَّمْسُ، فَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الظِّلِّ فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ، وَإِنْ كُنْتَ مِنْ أَهْلِ الشَّمْسِ فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ، ثُمَّ أَيْنَ أَنْتَ مِنْ يَوْمٍ جِيءَ بِجَهَنَّمَ قَدْ سَدَّتْ مَا بَيْنَ الْخَافِقَيْنِ وَقِيلَ: لَنْ تَدْخُلَ الْجَنَّةَ حَتَّى تَخُوضَ النَّارَ، فَإِنْ كَانَ مَعَكَ نُورٌ اسْتَقَامَ بِكَ الصِّرَاطُ، فَقَدْ وَاللَّهِ نَجَوْتَ وَهُدِيتَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَكَ نُورٌ تَشَبَّثَتْ بِكَ بَعْضُ خَطَاطِيفِ جَهَنَّمَ، أَوْ كَلَالِيبِهَا، أَوْ شَبَابِيَّتِهَا، فَقَدْ وَاللَّهِ رَدِيتَ وَهَوَيْتَ، فَوَرَبِّ أَبِي الدَّرْدَاءِ، إِنَّ مَا أَقُولُ حَقٌّ، فَاعْقِلْ مَا أَقُولُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>