للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حَدَّثَنَا

٣٦٨٣٩ - أَبُو أُسَامَةَ , قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ , عَنْ أَبِيهِ , قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى الْحُدَيْبِيَةِ , وَكَانَتْ الْحُدَيْبِيَةُ فِي شَوَّالٍ , قَالَ: فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ بِعُسْفَانَ لَقِيَهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا تَرَكْنَا قُرَيْشًا وَقَدْ جَمَعَتْ لَكَ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ , يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّوكَ عَنِ الْبَيْتِ , فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا تَبَرَّزَ مِنْ عُسْفَانَ لَقِيَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ طَلِيعَةً لِقُرَيْشٍ , فَاسْتَقْبَلَهُمْ عَلَى الطَّرِيقِ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «هَلُمَّ هَاهُنَا , فَأَخَذَ بَيْنَ سَرْوَعَتَيْنِ يَعْنِي شَجَرَتَيْنِ وَمَالَ عَنْ سَنَنِ الطَّرِيقِ حَتَّى نَزَلَ الْغَمِيمَ , فَلَمَّا نَزَلَ الْغَمِيمَ خَطَبَ النَّاسَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ» , ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ قُرَيْشًا قَدْ جَمَعَتْ لَكُمْ أَحَابِيشَهَا تُطْعِمُهَا الْخَزِيرَ , يُرِيدُونَ أَنْ يَصُدُّونَا عَنِ الْبَيْتِ , فَأَشِيرُوا عَلَيَّ بِمَا تَرَوْنَ؟ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الرَّأْسِ يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ , أَمْ تَرَوْنَ أَنْ تَعْمِدُوا إِلَى الَّذِينَ أَعَانُوهُمْ فَتُخَالِفُوهُمْ إِلَى نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ , فَإِنْ جَلَسُوا جَلَسُوا مَوْتُورِينَ مَهْزُومِينَ , وَإِنْ طَلَبُونَا طَلَبُونَا طَلَبًا مُتَدَارِيًا ضَعِيفًا , فَأَخْزَاهُمُ اللَّهُ , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , أَنْ تَعْمِدَ إِلَى الرَّأْسِ فَإِنَّ اللَّهَ مُعِينُكَ وَإِنَّ اللَّهَ نَاصِرُكَ وَإِنَّ اللَّهَ مُظْهِرُكَ , قَالَ الْمِقْدَادُ بْنُ الْأَسْوَدِ وَهُوَ فِي رَحْلِهِ: إِنَّا وَاللَّهِ لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِنَبِيِّهَا {اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} وَلَكِنِ اذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا , إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ , فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا غَشِيَ الْحَرَمَ وَدَخَلَ أَنْصَابَهُ بَرَكَتْ نَاقَتُهُ الْجَدْعَاءُ فَقَالُوا: خَلَأَتْ , فَقَالَ: وَاللَّهِ مَا خَلَأَتْ , وَمَا الْخَلَأُ بِعَادَتِهَا , وَلَكِنْ حَبَسَهَا حَابِسُ الْفِيلِ عَنْ مَكَّةَ , لَا تَدْعُونِي قُرَيْشٌ إِلَى تَعْظِيمِ الْمَحَارِمِ فَيَسْبِقُونِي إِلَيْهِ , هَلُمَّ هَاهُنَا لِأَصْحَابِهِ , فَأَخَذَ ذَاتَ الْيَمِينِ فِي ثَنِيَّةٍ تُدْعَى ذَاتَ الْحَنْظَلِ حَتَّى هَبَطَ عَلَى الْحُدَيْبِيَةِ , فَلَمَّا نَزَلَ اسْتَقَى النَّاسُ مِنَ الْبِئْرِ , فَنَزَفَتْ وَلَمْ تَقُمْ بِهِمْ , فَشَكَوْا ذَلِكَ إِلَيْهِ فَأَعْطَاهُمْ سَهْمًا مِنْ كِنَانَتِهِ فَقَالَ: اغْرِزُوهُ فِي الْبِئْرِ فَغَرَزُوهُ فِي الْبِئْرِ فَجَاشَتْ وَطَمَا مَاؤُهَا حَتَّى ⦗٣٨٢⦘ ضَرَبَ النَّاسُ بِالْعَطَنِ , فَلَمَّا سَمِعَتْ بِهِ قُرَيْشٌ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ أَخَا بَنِي حُلَيْسٍ وَهُوَ مِنْ قَوْمٍ يُعَظِّمُونَ الْهَدْيَ , فَقَالَ: ابْعَثُوا الْهَدْيَ فَلَمَّا رَأَى الْهَدْيَ لَمْ يُكَلِّمْهُمْ كَلِمَةً , وَانْصَرَفَ مِنْ مَكَانِهِ إِلَى قُرَيْشٍ , فَقَالَ: يَا قَوْمُ الْقَلَائِدُ وَالْبُدْنُ وَالْهَدْيُ , فَحَذَّرَهُمْ وَعَظَّمَ عَلَيْهِمْ , فَسَبُّوهُ وَتَجَهَّمُوهُ وَقَالُوا: إِنَّمَا أَنْتَ أَعْرَابِيٌّ جِلْفٌ لَا نَعْجَبُ مِنْكَ , وَلَكِنَّا نَعْجَبُ مِنْ أَنْفُسِنَا إِذْ أَرْسَلْنَاكَ , اجْلِسْ , ثُمَّ قَالُوا لِعُرْوَةِ بْنِ مَسْعُودٍ: انْطَلِقْ إِلَى مُحَمَّدٍ وَلَا نُؤْتَيَنَّ مِنْ وَرَائِكَ , فَخَرَجَ عُرْوَةُ حَتَّى أَتَاهُ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ , مَا رَأَيْتُ رَجُلًا مِنَ الْعَرَبِ سَارَ إِلَى مِثْلِ مَا سِرْتَ إِلَيْهِ , سِرْتَ بِأَوْبَاشِ النَّاسِ إِلَى عِتْرَتِكَ وَبَيْضَتِكَ الَّتِي تَفَلَّقَتْ عَنْكَ لِتُبِيدَ خَضْرَاءَهَا , تَعْلَمُ أَنِّي جِئْتُكَ مِنْ كَعْبِ بْنِ لُؤَيٍّ وَعَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ , قَدْ لَبِسُوا جُلُودَ النُّمُورِ عِنْدَ الْعُوذِ الْمَطَافِيلِ يُقْسِمُونَ بِاللَّهِ: لَا تَعْرِضُ لَهُمْ خُطَّةً إِلَّا عَرَضُوا لَكَ أَمْرًا مِنْهَا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّا لَمْ نَأْتِ لِقِتَالٍ , وَلَكِنَّا أَرَدْنَا أَنْ نَقْضِيَ عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرَ هَدْيَنَا , فَهَلْ لَكَ أَنْ تَأْتِيَ قَوْمَكَ , فَإِنَّهُمْ أَهْلُ قَتَبٍ , وَإِنَّ الْحَرْبَ قَدْ أَخَافَتْهُمْ , وَإِنَّهُ لَا خَيْرَ لَهُمْ أَنْ تَأْكُلَ الْحَرْبُ مِنْهُمْ إِلَّا مَا قَدْ أَكَلَتْ , فَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ الْبَيْتِ , فَنَقْضِي عُمْرَتَنَا وَنَنْحَرُ هَدْيَنَا , وَيَجْعَلُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ مُدَّةً , نُزِيلُ فِيهَا نِسَاءَهُمْ، وَيَأْمَنُ فِيهَا سَرِيُّهُمْ , وَيُخَلُّونَ بَيْنِي وَبَيْنَ النَّاسِ , فَإِنِّي وَاللَّهِ لَأُقَاتِلَنَّ عَلَى هَذَا الْأَمْرِ الْأَحْمَرَ وَالْأَسْوَدَ حَتَّى يُظْهِرَنِي اللَّهُ أَوْ تَنْفَرِدَ سَالِفَتِي , فَإِنْ أَصَابَنِي النَّاسُ فَذَاكَ الَّذِي يُرِيدُونَ , وَإِنْ أَظْهَرَنِي اللَّهُ عَلَيْهِمِ اخْتَارُوا , إِمَّا قَاتَلُوا مُعَدِّينَ، وَإِمَّا دَخَلُوا فِي السِّلْمِ وَافِرِينَ» , قَالَ: فَرَجَعَ عُرْوَةُ إِلَى قُرَيْشٍ فَقَالَ: تَعْلَمُنَّ وَاللَّهِ مَا عَلَى الْأَرْضِ قَوْمٌ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْكُمْ , إِنَّكُمْ لَإِخْوَانِي وَأَحَبُّ النَّاسِ إِلَيَّ , وَلَقَدِ اسْتَنْصَرْتُ لَكُمُ النَّاسَ فِي الْمَجَامِعِ , فَلَمَّا لَمْ يَنْصُرُوكُمْ أَتَيْتُكُمْ بِأَهْلِي حَتَّى نَزَلْتُ مَعَكُمْ إِرَادَةَ أَنْ أُوَاسِيَكُمْ , وَاللَّهِ مَا أُحِبُّ الْحَيَاةَ بَعْدَكُمْ , تَعْلَمُنَّ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَرَضَ نَصَفًا فَاقْبَلُوهُ , تَعْلَمُنَّ أَنِّي قَدْ قَدِمْتُ عَلَى الْمُلُوكِ , وَرَأَيْتُ الْعُظَمَاءَ، فَأُقْسِمُ بِاللَّهِ، إِنْ رَأَيْتُ مَلِكًا وَلَا عَظِيمًا أَعْظَمَ فِي أَصْحَابِهِ مِنْهُ , لَنْ يَتَكَلَّمَ مِنْهُمْ رَجُلٌ حَتَّى يَسْتَأْذِنَهُ , فَإِنْ هُوَ أَذِنَ لَهُ تَكَلَّمَ , وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ سَكَتَ , ثُمَّ إِنَّهُ لَيَتَوَضَّأُ فَيَبْتَدِرُونَ وَضُوءَهُ وَيَصُبُّونَهُ عَلَى رُءُوسِهِمْ , يَتَّخِذُونَهُ حَنَانًا , فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ أَرْسَلُوا إِلَيْهِ سُهَيْلَ بْنَ عَمْرٍو وَمِكْرَزَ بْنَ حَفْصٍ فَقَالُوا: انْطَلِقُوا إِلَى مُحَمَّدٍ فَإِنْ أَعْطَاكُمْ مَا ذَكَرَ عُرْوَةُ فَقَاضِيَاهُ عَلَى أَنْ يَرْجِعَ عَامَهُ هَذَا عَنَّا , وَلَا يَخْلُصَ إِلَى الْبَيْتِ , حَتَّى يَسْمَعَ مَنْ يَسْمَعُ بِمَسِيرِهِ مِنَ الْعَرَبِ أَنَّا قَدْ صَدَدْنَاهُ , فَخَرَجَ سُهَيْلٌ وَمِكْرَزٌ حَتَّى أَتَيَاهُ وَذَكَرَا ذَلِكَ لَهُ , فَأَعْطَاهُمَا الَّذِي سَأَلَا، فَقَالَ: اكْتُبُوا بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، قَالُوا: وَاللَّهِ لَا نَكْتُبُ هَذَا أَبَدًا , قَالَ: فَكَيْفَ؟ قَالُوا: نَكْتُبُ بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ، قَالَ: «وَهَذِهِ فَاكْتُبُوهَا» , فَكَتَبُوهَا , ثُمَّ قَالَ: «اكْتُبْ هَذَا مَا قَاضَى عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فَقَالُوا: وَاللَّهِ مَا نَخْتَلِفُ إِلَّا فِي هَذَا , فَقَالَ: مَا أَكْتُبُ؟ فَقَالُوا: انْتَسِبْ فَاكْتُبْ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ , قَالَ: «وَهَذِهِ حَسَنَةٌ، اكْتُبُوهَا» , فَكَتَبُوهَا , وَكَانَ فِي شَرْطِهِمْ أَنَّ بَيْنَنَا لَلْعَيْبَةَ الْمَكْفُوفَةَ , وَأَنَّهُ لَا أَغْلَالَ وَلَا أَسْلَالَ , قَالَ أَبُو أُسَامَةَ: الْأَغْلَالُ: الدُّرُوعُ , وَالْأَسْلَالُ: السُّيُوفُ , وَيَعْنِي بِالْعَيْبَةِ الْمَكْفُوفَةِ أَصْحَابَهُ يَكُفُّهُمْ عَنْهُمْ , وَأَنَّهُ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا , وَمَنْ أَتَانَا مِنْكُمْ لَمْ نَرْدُدْهُ عَلَيْكُمْ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَنْ دَخَلَ مَعِي فَلَهُ مِثْلُ شَرْطِي , فَقَالَتْ قُرَيْشٌ: مَنْ دَخَلَ مَعَنَا فَهُوَ مِنَّا , لَهُ مِثْلُ شَرْطِنَا , فَقَالَتْ بَنُو كَعْبٍ: نَحْنُ مَعَكَ يَا ⦗٣٨٣⦘ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: نَحْنُ مَعَ قُرَيْشٍ , فَبَيْنَمَا هُمْ فِي الْكِتَابِ إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلٍ يَرْسُفُ فِي الْقُيُودِ , فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا أَبُو جَنْدَلٍ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هُوَ لِي , وَقَالَ سُهَيْلٌ: هُوَ لِي , وَقَالَ سُهَيْلٌ: اقْرَأِ الْكِتَابَ , فَإِذَا هُوَ لِسُهَيْلٍ , فَقَالَ أَبُو جَنْدَلٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ؟ فَقَالَ عُمَرُ: يَا أَبَا جَنْدَلٍ , هَذَا السَّيْفُ فَإِنَّمَا هُوَ رَجُلٌ وَرَجُلٌ , فَقَالَ سُهَيْلٌ: أَعَنْتَ عَلَيَّ يَا عُمَرُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِسُهَيْلٍ: هَبْهُ لِي , قَالَ: لَا , قَالَ فَأَجِرْهُ لِي , قَالَ: لَا , قَالَ مِكْرَزٌ: قَدْ أَجَرْتُهُ لَكَ يَا مُحَمَّدُ فَلَمْ يَنْجُ "

<<  <  ج: ص:  >  >>