للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٣٦٩٠٠ - حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ , قَالَ: أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ , وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ , قَالَا: كَانَتْ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ الْمُشْرِكِينَ هُدْنَةٌ , فَكَانَ بَيْنَ بَنِي كَعْبٍ , وَبَيْنَ بَنِي بَكْرٍ قِتَالٌ بِمَكَّةَ , فَقَدِمَ صَرِيخُ بَنِي كَعْبٍ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:

[البحر الرجز]

اللَّهُمَّ إِنِّي نَاشِدٌ مُحَمَّدًا ... حِلْفَ أَبِينَا وَأَبِيهِ الْأَتْلَدَا

فَانْصُرْ هَدَاكَ اللَّهُ نَصْرًا عُتَّدَا ... وَادْعُ عِبَادَ اللَّهِ يَأْتُوا مَدَدَا

فَمَرَّتْ سَحَابَةٌ فَرَعَدَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ هَذِهِ لَتَرْعَدُ بِنَصْرِ بَنِي كَعْبٍ , ثُمَّ قَالَ لِعَائِشَةَ: " جَهِّزِينِي وَلَا تُعْلِمِنَّ بِذَلِكَ أَحَدًا , فَدَخَلَ عَلَيْهَا أَبُو بَكْرٍ فَأَنْكَرَ بَعْضَ شَأْنِهَا , فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالَتْ: أَمَرَنِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أُجَهِّزَهُ , قَالَ: إِلَى أَيْنَ؟ قَالَتْ: إِلَى مَكَّةَ , قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا انْقَضَتِ الْهُدْنَةُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ بَعْدُ , فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَ لَهُ , فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ غَدَرَ , ثُمَّ أَمَرَ بِالطَّرِيقِ فَحُبِسَتْ , ثُمَّ خَرَجَ وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ مَعَهُ , فَغُمَّ لِأَهْلِ مَكَّةَ لَا يَأْتِيهِمْ خَبَرٌ , فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: أَيْ حَكِيمُ , وَاللَّهِ لَقَدْ غَمَّنَا وَاغْتَمَمْنَا , فَهَلْ لَكَ أَنْ تَرْكَبَ مَا بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَرَةٍ , لَعَلَّنَا أَنْ نَلْقَى خَبَرًا , فَقَالَ لَهُ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ الْكَعْبِيُّ مِنْ خُزَاعَةَ: وَأَنَا مَعَكُمْ , قَالَا: وَأَنْتَ إِنْ شِئْتَ , قَالَ: فَرَكِبُوا حَتَّى إِذَا دَنَوْا مِنْ ثَنِيَّةِ مَرَةٍ أَظْلَمُوا فَأَشْرَفُوا عَلَى الثَّنِيَّةِ , فَإِذَا النِّيرَانُ قَدْ أَخَذَتِ الْوَادِيَ كُلَّهُ , قَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِحَكِيمٍ: مَا هَذِهِ النِّيرَانُ؟ قَالَ بُدَيْلُ بْنُ وَرْقَاءَ: هَذِهِ نِيرَانُ بَنِي عَمْرٍو , جَوَّعَتْهَا الْحَرْبُ , قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا وَأَبِيكَ، لَبَنُو عَمْرٍو أَذَلُّ وَأَقَلُّ مِنْ هَؤُلَاءِ , فَتَكَشَّفَ عَنْهُمُ الْأَرَاكُ , فَأَخَذَهُمْ حَرَسُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفَرٌ مِنَ الْأَنْصَارِ , وَكَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ عَلَى الْحَرَسِ , فَجَاءُوا بِهِمْ إِلَيْهِ , فَقَالُوا: جِئْنَاكَ بِنَفَرٍ أَخَذْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ , فَقَالَ عُمَرُ وَهُوَ يَضْحَكُ إِلَيْهِمْ: وَاللَّهِ لَوْ جِئْتُمُونِي بِأَبِي سُفْيَانَ مَا زِدْتُمْ , قَالُوا: قَدْ وَاللَّهِ أَتَيْنَاكَ بِأَبِي سُفْيَانَ , فَقَالَ: احْبِسُوهُ , فَحَبَسُوهُ حَتَّى أَصْبَحَ , فَغَدَا بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقِيلَ لَهُ: بَايِعْ , فَقَالَ: لَا أَجِدُ إِلَّا ذَاكَ أَوْ شَرًّا مِنْهُ , فَبَايَعَ , ثُمَّ قِيلَ لِحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ: بَايِعْ , فَقَالَ: أُبَايِعُكَ وَلَا أَخِرُّ إِلَّا قَائِمًا , قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَّا مِنْ قَبَلِنَا فَلَنْ تَخِرَّ إِلَّا قَائِمًا , فَلَمَّا وَلَّوْا، قَال أَبُو بَكْرٍ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّ أَبَا سُفْيَانَ رَجُلٌ يُحِبُّ السَّمَاعَ، يَعْنِي الشَّرَفَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ إِلَّا ابْنَ خَطَلٍ , وَمِقْيَسَ بْنَ صُبَابَةَ اللَّيْثِيَّ , وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ , وَالْقَيْنَتَيْنِ , فَإِنْ وَجَدْتُمُوهُمْ مُتَعَلِّقِينَ بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَاقْتُلُوهُمْ , قَالَ: فَلَمَّا وَلَّوْا قَالَ أَبُو بَكْرٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , لَوْ أَمَرْتَ بِأَبِي سُفْيَانَ فَحُبِسَ عَلَى الطَّرِيقِ، وَأُذِّنَ فِي النَّاسِ بِالرَّحِيلِ , فَأَدْرَكَهُ الْعَبَّاسُ فَقَالَ: هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَجْلِسَ حَتَّى تَنْظُرَ؟ قَالَ: بَلَى , وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَرَى ضَعْفَةً فَيَتَنَاوَلَهُمْ , فَمَرَّتْ جُهَيْنَةُ فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذِهِ جُهَيْنَةُ , قَالَ: مَا لِي وَلِجُهَيْنَةَ , وَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ , ثُمَّ مَرَّتْ مُزَيْنَةُ فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذِهِ مُزَيْنَةُ , قَالَ: مَا لِي وَلِمُزَيْنَةَ , وَاللَّهِ مَا كَانَتْ بَيْنِي وَبَيْنَهُمْ حَرْبٌ قَطُّ , ثُمَّ مَرَّتْ سُلَيْمٌ، فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذِهِ سُلَيْمٌ , قَالَ: ثُمَّ جَعَلَتْ تَمُرُّ طَوَائِفُ الْعَرَبِ فَمَرَّتْ عَلَيْهِ أَسْلَمُ وَغِفَارٌ، فَيَسْأَلُ عَنْهَا فَيُخْبِرُهُ الْعَبَّاسُ , حَتَّى مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أُخْرَيَاتِ النَّاسِ ⦗٣٩٩⦘ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي لَأَمَةٍ تَلْتَمِعُ الْبَصَرَ , فَقَالَ: أَيْ عَبَّاسُ , مَنْ هَؤُلَاءِ؟ قَالَ: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمُهَاجِرِينَ الْأَوَّلِينَ وَالْأَنْصَارِ قَالَ: لَقَدْ أَصْبَحَ ابْنُ أَخِيكَ عَظِيمَ الْمُلْكِ , قَالَ: لَا وَاللَّهِ , مَا هُوَ بِمُلْكٍ , وَلَكِنَّهَا النُّبُوَّةُ , وَكَانُوا عَشَرَةَ آلَافٍ، أَوِ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفًا , قَالَ: وَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّايَةَ إِلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ , فَدَفَعَهَا سَعْدٌ إِلَى ابْنِهِ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ , وَرَكِبَ أَبُو سُفْيَانَ فَسَبَقَ النَّاسَ حَتَّى اطَّلَعَ عَلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ , قَالَ لَهُ أَهْلُ مَكَّةَ: مَا وَرَاءَكَ؟ قَالَ: وَرَائِي الدُّهْمُ , وَرَائِي مَا لَا قِبَلَ لَكُمْ بِهِ , وَرَائِي مَنْ لَمْ أَرَ مِثْلَهُ , مَنْ دَخَلَ دَارِي فَهُوَ آمِنٌ , فَجَعَلَ النَّاسُ يَقْتَحِمُونَ دَارَهُ , وَقَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَقَفَ بِالْحَجُونِ بِأَعْلَى مَكَّةَ , وَبَعَثَ الزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فِي الْخَيْلِ فِي أَعْلَى الْوَادِي , وَبَعَثَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ فِي الْخَيْلِ فِي أَسْفَلِ الْوَادِي , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ، وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ , إِنِّي وَاللَّهِ لَوْ لَمْ أُخْرَجْ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ , وَإِنَّهَا لَمْ تَحِلَّ لِأَحَدٍ كَانَ قَبْلِي , وَلَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدِي , وَإِنَّمَا أُحِلَّتْ لِي سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ , وَهِيَ سَاعَتِي هَذِهِ , حَرَامٌ لَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا , وَلَا يُحْتَشُّ حَشِيشُهَا، وَلَا يَلْتَقِطُ ضَالَّتَهَا إِلَّا مُنْشِدٌ " فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ شَاهٌ , وَالنَّاسُ يَقُولُونَ: قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِلَّا الْإِذْخِرَ , فَإِنَّهُ لِبُيُوتِنَا وَقُبُورِنَا وَقُيُونِنَا أَوْ لِقُيُونِنَا وَقُبُورِنَا , فَأَمَّا ابْنُ خَطَلٍ فَوُجِدَ مُتَعَلِّقًا بِأَسْتَارِ الْكَعْبَةِ فَقُتِلَ , وَأَمَّا مِقْيَسُ بْنُ صُبَابَةَ فَوَجَدُوهُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ فَبَادَرَهُ نَفَرٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ لِيَقْتُلُوهُ ; فَقَالَ ابْنُ عَمِّهِ نُمَيْلَةُ: خَلُّوا عَنْهُ , فَوَاللَّهِ لَا يَدْنُو مِنْهُ رَجُلٌ إِلَّا ضَرَبْتُهُ بِسَيْفِي هَذَا حَتَّى يَبْرُدَ , فَتَأَخَّرُوا عَنْهُ فَحَمَلَ عَلَيْهِ بِسَيْفِهِ فَفَلَقَ بِهِ هَامَتَهُ , وَكَرِهَ أَنْ يَفْخَرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ , ثُمَّ طَافَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْبَيْتِ , ثُمَّ دَخَلَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فَقَالَ: أَيْ عُثْمَانُ , أَيْنَ الْمِفْتَاحُ؟ فَقَالَ هُوَ عِنْدَ أُمِّي سَلَّامَةَ ابْنَةِ سَعْدٍ , فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: لَا وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى , لَا أَدْفَعُهُ إِلَيْهِ أَبَدًا , قَالَ: إِنَّهُ قَدْ جَاءَ أَمْرٌ غَيْرُ الْأَمْرِ الَّذِي كُنَّا عَلَيْهِ , فَإِنَّكِ إِنْ لَمْ تَفْعَلِي قُتِلْتُ أَنَا وَأَخِي , قَالَ: فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ , قَالَ: فَأَقْبَلَ بِهِ حَتَّى إِذَا كَانَ وِجَاهَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُثِرَ فَسَقَطَ الْمِفْتَاحُ مِنْهُ , فَقَامَ إِلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَحْنَى عَلَيْهِ ثَوْبَهُ , ثُمَّ فَتْحَ لَهُ عُثْمَانُ فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَعْبَةَ , فَكَبَّرَ فِي زَوَايَاهَا وَأَرْجَائِهَا , وَحَمِدَ اللَّهَ , ثُمَّ صَلَّى بَيْنَ الْأُسْطُوَانَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ , ثُمَّ خَرَجَ فَقَامَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ , فَقَالَ عَلِيٌّ: فَتَطَاوَلْتُ لَهَا وَرَجَوْتُ أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْنَا الْمِفْتَاحَ , فَتَكُونُ فِينَا السِّقَايَةُ وَالْحِجَابَةُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَيْنَ عُثْمَانُ , هَاكُمْ مَا أَعْطَاكُمُ اللَّهُ , فَدَفَعَ إِلَيْهِ الْمِفْتَاحَ , ثُمَّ رَقَى بِلَالٌ عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ فَأَذَّنَ , فَقَالَ خَالِدُ بْنُ أُسَيْدٍ: مَا هَذَا الصَّوْتُ؟ قَالُوا: بِلَالُ بْنُ رَبَاحٍ , قَالَ: عَبْدُ أَبِي بَكْرٍ الْحَبَشِيُّ , قَالُوا , نَعَمْ , قَالَ: أَيْنَ؟ قَالُوا: عَلَى ظَهْرِ الْكَعْبَةِ , قَالَ: عَلَى مُرْقِبَةِ بَنِي أَبِي طَلْحَةَ؟ قَالُوا: نَعَمْ , قَالَ: مَا يَقُولُ؟ قَالُوا: يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ , قَالَ: لَقَدْ أَكْرَمَ اللَّهُ أَبَا خَالِدٍ عَنْ أَنْ يَسْمَعَ هَذَا الصَّوْتَ، يَعْنِي أَبَاهُ , وَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ يَوْمَ بَدْرٍ فِي الْمُشْرِكِينَ , وَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى حُنَيْنٍ , وَجُمِعَتْ لَهُ هَوَازِنُ بِحُنَيْنٍ , فَاقْتَتَلُوا , فَهُزِمَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ اللَّهُ: {وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا} [التوبة: ٢٥] الْآيَةَ , ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ , فَنَزَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ دَابَّتِهِ فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّكَ إِنْ شِئْتَ لَمْ تُعْبَدْ بَعْدَ الْيَوْمِ , شَاهَتِ الْوُجُوهُ , ثُمَّ رَمَاهُمْ بِحَصَاةٍ كَانَتْ فِي يَدِهِ , فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ , فَأَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ السَّبْيَ وَالْأَمْوَالَ فَقَالَ لَهُمْ: إِنْ ⦗٤٠٠⦘ شِئْتُمْ فَالْفِدَاءُ , وَإِنْ شِئْتُمْ فَالسَّبْيُ، قَالُوا: لَنْ نُؤْثِرَ الْيَوْمَ عَلَى الْحَسَبِ شَيْئًا , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِذَا خَرَجْتُ فَاسْأَلُونِي، فَإِنِّي سَأُعْطِيكُمُ الَّذِي لِي , وَلَنْ يَتَعَذَّرَ عَلَيَّ أَحَدٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ , فَلَمَّا خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحُوا إِلَيْهِ , فَقَالَ: «أَمَّا الَّذِي لِي فَقَدْ أَعْطَيْتُكُمُوهُ» , وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ مِثْلَ ذَلِكَ إِلَّا عُيَيْنَةَ بْنَ حِصْنِ بْنِ حُذَيْفَةَ بْنِ بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ: أَمَّا الَّذِي لِي فَإِنِّي لَا أُعْطِيهِ , قَالَ: أَنْتَ عَلَى حَقِّكَ مِنْ ذَلِكَ , قَالَ: فَصَارَتْ لَهُ يَوْمَئِذٍ عَجُوزٌ عَوْرَاءُ , ثُمَّ حَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهْلَ الطَّائِفِ قَرِيبًا مِنْ شَهْرٍ , فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: أَيْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , دَعْنِي أَدْخُلْ عَلَيْهِمْ فَأَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ , قَالَ: إِنَّهُمْ إِذًا قَاتِلُوكَ , فَدَخَلَ عَلَيْهِمْ عُرْوَةُ فَدَعَاهُمْ إِلَى اللَّهِ فَرَمَاهُ رَجُلٌ مِنْ بَنِي مَالِكٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَثَلُهُ فِي قَوْمِهِ مِثْلُ صَاحِبِ يَاسِينَ , وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذُوا مَوَاشِيَهُمْ وَضَيِّقُوا عَلَيْهِمْ , ثُمَّ أَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا حَتَّى إِذَا كَانَ بِنَخْلَةٍ جَعَلَ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ , قَالَ أَنَسٌ: حَتَّى انْتَزَعُوا رِدَاءَهُ عَنْ ظَهْرِهِ , فَأَبْدَوْا عَنْ مِثْلِ فِلْقَةَ الْقَمَرِ , فَقَالَ: رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي , لَا أَبَا لَكُمْ , أَتُبَخِّلُونَنِي، فَوَاللَّهِ أَنْ لَوْ كَانَ مَا بَيْنَهُمَا إِبِلًا وَغَنَمًا لَأَعْطَيْتُكُمُوهُ , فَأَعْطَى الْمُؤَلَّفَةَ يَوْمَئِذٍ مِائَةً مِائَةً مِنَ الْإِبِلِ , وَأَعْطَى النَّاسَ , فَقَالَتِ الْأَنْصَارُ عِنْدَ ذَلِكَ , فَدَعَاهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا , أَلَمْ أَجِدْكُمْ ضُلَّالًا فَهَدَاكُمُ اللَّهُ بِي , قَالُوا: بَلَى , قَالَ: أَلَمْ أَجِدْكُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ اللَّهُ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ بِي , قَالُوا: بَلَى، قَالَ: أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: قَدْ جِئْتَنَا مَخْذُولًا فَنَصَرْنَاكَ , قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ , قَالَ: لَوْ شِئْتُمْ قُلْتُمْ: جِئْتَنَا طَرِيدًا آوَيْنَاكَ , قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ آمِنٌ , وَلَوْ شِئْتُمْ لَقُلْتُمْ: جِئْتنَا عَائِلًا فَآسَيْنَاكَ , قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمَنُّ , قَالَ: أَفَلَا تَرْضَوْنَ أَنْ يَنْقَلِبَ النَّاسُ بِالشَّاءِ وَالْبَعِيرِ , وَتَنْقَلِبُونَ بِرَسُولِ اللَّهِ إِلَى دِيَارِكُمْ , قَالُوا: بَلَى , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: النَّاسُ دِثَارٌ , وَالْأَنْصَارُ شِعَارٌ , وَجَعَلَ عَلَى الْمَقَاسِمِ عَبَّادَ بْنَ وَقْشٍ أَخَا بَنِي عَبْدِ الْأَشْهَلِ , فَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَسْلَمَ عَارِيًّا لَيْسَ عَلَيْهِ ثَوْبٌ , فَقَالَ: اكْسُنِي مِنْ هَذِهِ الْبُرُودِ بُرْدَةً , قَالَ: إِنَّمَا هِيَ مَقَاسِمُ الْمُسْلِمِينَ , وَلَا يَحِلُّ لِي أَنْ أُعْطِيَكَ مِنْهَا شَيْئًا , فَقَالَ قَوْمُهُ: اكْسُهُ مِنْهَا بُرْدَةً , فَإِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا , فَأَعْطَاهُ بُرْدَةً , فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا كُنْتُ أَخْشَى هَذَا عَلَيْهِ , مَا كُنْتُ أَخْشَاكُمْ عَلَيْهِ , فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , مَا أَعْطَيْتُهُ إِيَّاهَا حَتَّى قَالَ قَوْمُهُ: إِنْ تَكَلَّمَ فِيهَا أَحَدٌ فَهِيَ مِنْ قِسْمِنَا وَأُعْطِيَّاتِنَا , فَقَالَ: جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا , جَزَاكُمُ اللَّهُ خَيْرًا "

<<  <  ج: ص:  >  >>