حَدَّثَنَا
٣٧٠٤٣ - عَبْدُ الْأَعْلَى , عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ , عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ , قَالَ: كُنْتُ أَخْتَلِفُ إِلَى عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَنَحْنُ بِمِنًى مَعَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ , أُعَلِّمُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ الْقُرْآنَ , فَأَتَيْتُهُ فِي الْمَنْزِلِ فَلَمْ أَجِدْهُ فَقِيلَ: هُوَ عِنْدَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ , فَانْتَظَرْتُهُ حَتَّى جَاءَ فَقَالَ لِي: قَدْ غَضِبَ هَذَا الْيَوْمَ غَضَبًا مَا رَأَيْتُهُ غَضِبَ مِثْلَهُ مُنْذُ كَانَ , قَالَ: قُلْتُ لِمَ ذَاكَ؟ قَالَ: بَلَغَهُ أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ ذَكَرَا بَيْعَةَ أَبِي بَكْرٍ فَقَالَا: وَاللَّهِ مَا كَانَتْ إِلَّا فَلْتَةً , فَمَا يَمْنَعُ امْرَأً إِنْ هَلَكَ هَذَا أَنْ يَقُومَ إِلَى مَنْ يُحِبُّ فَيَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ فَتَكُونَ كَمَا كَانَتْ ; قَالَ: فَهَمَّ عُمَرُ أَنْ يُكَلِّمَ النَّاسَ , قَالَ: فَقُلْتُ: لَا تَفْعَلْ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ , فَإِنَّكَ بِبَلَدٍ قَدِ اجْتَمَعَتْ إِلَيْهِ أَفْنَاءُ الْعَرَبِ كُلُّهَا , وَإِنَّكَ إِنْ قُلْتَ مَقَالَةً حُمِلَتْ عَنْكَ وَانْتَشَرَتْ فِي الْأَرْضِ كُلِّهَا , فَلَمْ تَدْرِ مَا يَكُونُ فِي ذَلِكَ , وَإِنَّمَا يُعِينُكَ مَنْ قَدْ عَرَفْتَ أَنَّهُ سَيَصِيرُ إِلَى الْمَدِينَةِ , فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ رُحْتُ مُهَجِّرًا حَتَّى أَخَذْتُ عِضَادَةَ الْمِنْبَرِ الْيُمْنَى , وَرَاحَ إِلَيَّ سَعِيدُ بْنُ زَيْدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ نُفَيْلٍ حَتَّى جَلَسَ مَعِي , فَقُلْتُ: لَيَقُولَنَّ هَذَا الْيَوْمَ مَقَالَةً مَا قَالَهَا مُنْذُ اسْتُخْلِفَ , قَالَ: وَمَا عَسَى أَنْ يَقُولَ , قُلْتُ: سَتَسْمَعُ ذَلِكَ , قَالَ: فَلَمَّا اجْتَمَعَ النَّاسُ خَرَجَ عُمَرُ حَتَّى جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ثُمَّ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَصَلَّى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَبْقَى رَسُولَهُ بَيْنَ أَظْهُرِنَا يَنْزِلُ عَلَيْهِ الْوَحْيُ مِنَ اللَّهِ يُحِلُّ بِهِ وَيُحَرِّمُ , ثُمَّ قَبَضَ اللَّهُ رَسُولَهُ فَرَفَعَ مِنْهُ مَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَ , وَأَبْقَى مِنْهُ مَا شَاءَ أَنْ يُبْقِيَ , فَتَشَبَّثْنَا بِبَعْضٍ , وَفَاتَنَا بَعْضٌ , فَكَانَ مِمَّا كُنَّا نَقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ «لَا تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ، فَإِنَّهُ كُفْرٌ بِكُمْ أَنْ تَرْغَبُوا عَنْ آبَائِكُمْ» وَنَزَلَتْ آيَةُ الرَّجْمِ , فَرَجَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا مَعَهُ , وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ , لَقَدْ حَفِظْتُهَا وَعَلِمْتُهَا وَعَقَلْتُهَا، لَوْلَا أَنْ يُقَالَ: كَتَبَ عُمَرُ فِي الْمُصْحَفِ مَا لَيْسَ فِيهِ , لَكَتَبْتُهَا بِيَدِي كِتَابًا , وَالرَّجْمُ عَلَى ثَلَاثَةِ مَنَازِلَ: حَمْلٌ بَيِّنٌ , أَوِ اعْتِرَافٌ مِنْ صَاحِبِهِ , أَوْ شُهُودٌ عَدْلٌ , كَمَا أَمَرَ اللَّهُ , وَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رِجَالًا يَقُولُونَ فِي خِلَافَةِ أَبِي بَكْرٍ: إِنَّهَا كَانَتْ فَلْتَةً، وَلَعَمْرِي إِنْ كَانَتْ كَذَلِكَ , وَلَكِنَّ اللَّهَ أَعْطَى خَيْرَهَا وَوَقَى شَرَّهَا ; وَإِيَّاكُمْ هَذَا الَّذِي تَنْقَطِعُ إِلَيْهِ الْأَعْنَاقُ كَانْقِطَاعِهَا إِلَى أَبِي بَكْرٍ , إِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِ النَّاسِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تُوُفِّيَ فَأَتَيْنَا فَقِيلَ لَنَا: إِنَّ الْأَنْصَارَ قَدِ اجْتَمَعَتْ فِي سَقِيفَةِ بَنِي سَاعِدَةَ مَعَ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ يُبَايِعُونَهُ , فَقُمْتُ وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ نَحْوَهُمْ فَزِعِينَ أَنْ يُحْدِثُوا فِي الْإِسْلَامِ فَتْقًا , فَلَقِيَنَا رَجُلَانِ مِنَ الْأَنْصَارِ رَجُلُ صِدْقٍ عُوَيْمُ بْنُ سَاعِدَةَ وَمَعْنُ بْنُ عَدِيٍّ , فَقَالَا: أَيْنَ تُرِيدُونَ؟ فَقُلْنَا: قَوْمَكُمْ لِمَا بَلَغَنَا مِنْ أَمْرِهِمْ , فَقَالَا: ارْجِعُوا فَإِنَّكُمْ لَنْ تُخَالَفُوا , وَلَنْ يُؤْتَ شَيْءٌ تَكْرَهُونَهُ , فَأَبَيْنَا إِلَّا أَنْ نَمْضِيَ , وَأَنَا أُزَوِّرُ كَلَامًا أُرِيدُ أَنْ أَتَكَلَّمَ بِهِ , حَتَّى انْتَهَيْنَا إِلَى الْقَوْمِ ⦗٤٣٢⦘ وَإِذَا هُمْ عُكُوفٌ هُنَالِكَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ لَهُ مَرِيضٌ , فَلَمَّا غَشَيْنَاهُمْ تَكَلَّمُوا فَقَالُوا: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ , مِنَّا أَمِيرٌ وَمِنْكُمْ أَمِيرٌ , فَقَامَ الْحُبَابُ بْنُ الْمُنْذِرِ فَقَالَ: أَنَا جُذَيْلُهَا الْمُحَكَّكُ، وَعُذَيْقُهَا الْمُرَجَّبُ , إِنْ شِئْتُمْ وَاللَّهِ رَدَدْنَاهَا جَذَعَةً , فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: عَلَى رِسْلِكُمْ , فَذَهَبْتُ لِأَتَكَلَّمَ، فَقَالَ: أَنْصِتْ يَا عُمَرُ , فَحَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ , إِنَّا وَاللَّهِ مَا نُنْكِرُ فَضْلَكُمْ وَلَا بَلَاءَكُمْ فِي الْإِسْلَامِ، وَلَا حَقَّكُمُ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا , وَلَكِنَّكُمْ قَدْ عَرَفْتُمْ أَنَّ هَذَا الْحَيَّ مِنْ قُرَيْشٍ بِمَنْزِلَةٍ مِنَ الْعَرَبِ لَيْسَ بِهَا غَيْرُهُمْ , وَأَنَّ الْعَرَبَ لَنْ تَجْتَمِعَ إِلَّا عَلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ , فَنَحْنُ الْأُمَرَاءُ وَأَنْتُمُ الْوُزَرَاءُ , فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تَصَدَّعُوا الْإِسْلَامَ , وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ فِي الْإِسْلَامِ , أَلَا وَقَدْ رَضِيتُ لَكُمْ أَحَدَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ، لِي وَلِأَبِي عُبَيْدَةَ بْنِ الْجَرَّاحِ , فَأَيُّهُمَا بَايَعْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ ثِقَةٌ , قَالَ: فَوَاللَّهِ مَا بَقِيَ شَيْءٌ كُنْتُ أُحِبُّ أَنْ أَقُولَهُ إِلَّا وَقَدْ قَالَهُ يَوْمَئِذٍ غَيْرَ هَذِهِ الْكَلِمَةِ , فَوَاللَّهِ لَأَنْ أُقْتَلَ ثُمَّ أُحْيَا، ثُمَّ أُقْتَلَ ثُمَّ أُحْيَا، فِي غَيْرِ مَعْصِيَةٍ، أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أَكُونَ أَمِيرًا عَلَى قَوْمٍ فِيهِمْ أَبُو بَكْرٍ قَالَ , ثُمَّ قُلْتُ: يَا مَعْشَرَ الْأَنْصَارِ , يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ , إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ أَبُو بَكْرٍ السَّبَّاقُ الْمُبِينُ , ثُمَّ أَخَذْتُ بِيَدِهِ وَبَادَرَنِي رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ فَضَرَبَ عَلَى يَدِهِ قَبْلَ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى يَدِهِ , ثُمَّ ضَرَبْتُ عَلَى يَدِهِ وَتَتَابَعَ النَّاسُ , وَمِيلَ عَلَى سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ النَّاسُ: قُتِلَ سَعْدٌ , فَقُلْتُ: اقْتُلُوهُ قَتَلَهُ اللَّهُ , ثُمَّ انْصَرَفْنَا وَقَدْ جَمَعَ اللَّهُ أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ بِأَبِي بَكْرٍ فَكَانَتْ لَعَمْرُ اللَّهِ كَمَا قُلْتُمْ , أَعْطَى اللَّهُ خَيْرَهَا وَوَقَى شَرَّهَا , فَمَنْ دَعَا إِلَى مِثْلِهَا فَهُوَ لِلَّذِي لَا بَيْعَةَ لَهُ، وَلَا لِمَنْ بَايَعَهُ "