١٤٧٧ - حَدَّثَنَا أَحْمَدُ، أَنْشَدَنَا ابْنُ أَبِي الدُّنْيَا، أَنْشَدَنَا حُسَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَفِيقُ بِشْرٍ الْحَافِي؛ قَالَ: أَنْشَدَنِي عَلِيُّ بْنُ عَمْرٍو الْعَجَمِيُّ الزَّاهِدُ يَرْثِي ابْنَهُ أَحْمَدَ:
(يَا غَائِبًا لا يؤوب مِنْ سَفَرِهِ ... عَاجَلَهُ مَوْتُهُ عَلَى صِغَرِهْ)
(مَا تَقَعُ الْعَيْنُ كُلَّمَا نَظَرَتْ ... فِي الدَّارِ شَيْئًا إِلَّا عَلَى أَثَرِهْ)
(فَالْحَمْدُ لِلَّهِ لا شَرِيكَ لَهُ فِي عِلْمِهِ ... كَانَ ذَا وفي قَدَرِهْ)
(قَدْ قَدَّرَ الْعُمْرَ ذُو الْجَلالِ ... فَمَا يَقْدِرُ خَلْقٌ يَزِيدُ فِي عُمُرِهْ)
(إِذَا أَتَى يَوْمُهُ الْمُعَدُّ لَهُ ... صَارَ إِلَيْهِ الْيَقِينُ مِنْ خَبَرِهْ)
(وَكُلُّ ذِي غَيْبَةٍ يؤوب ... وَلا يَرْجِعُ مَنْ مَاتَ مِنْ ثَرَى غَفَرِهْ)
(يَا أَحْمَدَ الْخَيْرِ كُنْتَ لِي أَنَسًا ... فِي طُولِ لَيْلِي نَعَمْ وَفِي قِصَرِهْ ⦗٣١٩⦘)
(شَرِبْتَ كَأْسًا أَبُوكَ شَارِبُهَا ... لا بُدَّ مِنْهَا لَهُ عَلَى كِبَرِهْ)
(يَشْرَبُهَا وَالْأَنَامُ كُلُّهُمْ ... مَنْ كَانَ فِي بَدْوِهِ وَفِي حَضَرِهْ)
(وَلَيْسَ يَبْقَى سِوَى الْإِلَهِ ... وَمَا قَدَّمَ مِنْ صَالِحٍ لِمُدَّخَرِهْ)
(فَاعْمَلْ وَقَدِّمْ فَكُلُّ ذِي عَمَلٍ ... لِجَنَّةِ الْخُلْدِ أَوْ إِلَى سَقَرِهْ)
(وَالْمَوْتُ جَزَّارُ كُلِّ ذِي نَفْسٍ ... فَكَيْفَ نَبْقَى وَنَحْنُ مِنْ جُزُرِهْ)
(فَطُوبَى لِمَنْ كَانَ مُسْلِمًا ... وَرِعًا يُحْمَدُ فِي وِرْدِهِ وَفِي صَدْرِهْ)
(قَدْ جَعَلَ الْمَوْتَ نُصْبَ مُقْلَتِهِ ... صَيَّرَهُ فِي الْحَدِيثِ مِنْ سَمَرِهْ)
(وَقَدْ أَرَانَا الزَّمَانُ مِنْ عِبَرٍ ... لَوِ انْتَفَعْنَا بِذَاكَ مِنْ عبره)
(وقد حلبت الزَّمَانَ أَشْطُرُهُ ... آخُذُ مِنْ صَفْوِهِ وَمِنْ كَدَرِهْ)
قَالَ: فَرُبَّمَا قَالَ لِي بِشْرٌ: أَعِدْ عَلَيَّ تِلْكَ الْأَبْيَاتِ الْمَرْثِيَّةَ؛ فَأُعِيدَهَا عَلَيْهِ، فَيَبْكِي وَيَهِيمُ عَلَى وَجْهِهِ نَحْوَ الْمَقَابِرِ.