٢٢٣٤ - حَدَّثَنَا ابْنُ قُتَيْبَةَ، نَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ، عَنِ الأَصْمَعِيِّ، عَنِ ابْنِ أَبِي الزِّنَادِ؛ قَالَ: قَالَ عَبْدُ الْمَلِكُ بْنُ مَرْوَانَ: ⦗٣٧٦⦘ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَحَدًا مِنَ الْعَرَبِ وَلَدَيَّ إِلا عُرْوَةَ بْنَ الْوَرْدِ؛ لِقَوْلِهِ:
(إِنِّي امْرُؤٌ عَافِي إِنَائِيَ شِرْكَةٌ ... وَأَنْتَ امْرُؤٌ عَافِي إِنَائَكَ وَاحِدُ)
(أَتَهْزَأُ مِنِّي أَنْ سَمِنْتَ وَأَنْ تَرَى ... بِجِسْمِي مَسَّ الْحَقِ وَالْحَقُّ جَاهِدُ)
(أُقَسِّمُ جِسْمِي فِي جُسُومٍ كَثِيرَةٍ ... وَأَحْسُو قِرَاحَ الْمَاءِ وَالَمَاءُ بَارِدُ)
يُرِيدُ: أَنَّهُ يُقَسِّمُ قُوتَهُ عَلَى أَضْيَافِهِ؛ يَعْنِي: أَرَادَ كَأَنَّ قَسَّمَ قُوتَهُ عَلَى أَضْيَافِهِ فَكَأَنَّهُ قَسَّمَ جِسْمَهُ؛ لِأَنَّ اللَّحْمَ الَّذِي كَانَ يُنْبِتُهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ صَيَّرَهُ لِغَيْرِهِ، وَيَحْسُو مَاءَ الْقِرَاحِ فِي الشِّتَاءِ وَوَقْتِ الْجَدْبِ وَالضِّيقِ؛ لِأَنَّهُ يُؤْثِرُ بِاللَّبَنِ أَضْيَافِهِ وَيُجَوِّعُ نَفْسَهُ حَتَّى نَحَلَ جِسْمُهُ، وَهَذَا شِعْرٌ شَرِيفُ الْمَعَانِي وَالأَلْفَاظِ. وَقَالَ آخَرُ فِي مَثْلِهِ:
(إِذَا مَا عَمِلْتِ الزَّادَ فِالْتَمِسِي لَهُ ... أَكِيلًا فَإِنِّي غَيْرُ آكِلِهِ وَحْدِي ⦗٣٧٧⦘)
(بَعِيدًا قَصِيًّا أَوْ قَرِيبًا فَإِنَّنِي ... أَخَافُ مَذَمَّاتِ الأَحَادِيثِ مِنْ بَعْدِي)
(وَكَيْفَ يُسِيغُ الْمَرْءُ زَادًا وَجَارُهُ ... خَفِيفُ الْمِعَى بَادِي الْخَصَاصَةِ وَالْجَهْدِ)
(وَإِنِّي لَعَبْدُ الضَّيْفِ مَا دَامَ نَازِلًا ... وَمَا مِنْ خِلالِي غَيْرَهَا شِيمَةُ الْعَبْدِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute