للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

٣٠٩٣ - حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ الشَّيْبَانِيُّ، نا ابْنُ خُبَيْقٍ، نا أَبِي؛ قَالَ: صَحِبَ يُوسُفُ بْنُ أَسْبَاطٍ فَتًى مِنْ أَهْلِ الْجَزِيرَةِ؛ فَلَمْ يُكَلِّمْهُ إِلا بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ، وَكَانَ يُوسُفُ يَرَى مِنْ جَزَعِهِ وَفَزَعِهِ وَكَثْرَةِ عِبَادَتِهِ آناء اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: مَا كَانَ عَمَلُكَ؛ فَإِنِّي أَرَاكَ لا تَهْدَأُ مِنَ الْبُكَاءِ؟ فَقَالَ لَهُ: كُنْتُ رَجُلا نَبَّاشًا. فَقَالَ لَهُ يُوسُفُ: فَأَيُّ شَيْءٍ كُنْتَ تَرَى إِذَا ⦗١٩٧⦘ وَصَلْتَ إِلَى اللَّحْدِ؟ قَالَ: كُنْتُ أَرَى أَكْثَرَهُمْ قَدْ حُوِّلُوا وجوههم عَنِ الْقِبْلَةِ إِلا قَلِيلا. قَالَ يُوسُفُ: إِلا قَلِيلا. فَاخْتَلَطَ يُوسُفُ عَلَى الْمَكَانِ وَذَهَبَ عَقْلُهُ حَتَّى كَانَ يَحْتَاجُ إِلَى أَنْ يُدَاوَى. قَالَ ابْنُ خُبَيْقٍ: قَالَ أَبِي: دَعَوْنَا سُلَيْمَانَ الطَّبِيبَ لِيُدَاوِيَ يُوسُفَ بْنَ أَسْبَاطٍ وَكَانَ يَرْجِعُ إِلَيْهِ عَقْلُهُ أَحْيَانًا؛ فَيَقُولُ: إِلا قَلِيلا. فَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَاوَاهُ وَصَحَّ، فَلَمَّا فَرَغَ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ سُلَيْمَانَ الطَّبِيبَ؛ قَالَ يُوسُفُ: أَيَّ شَيْءٍ تُعْطُونَهُ؟ قُلْنَا: لا يُرِيدُ مِنْكَ شَيْئًا. قَالَ: يا سُبْحَانَ اللهِ! جِئْتُمْ بِطَبِيبِ الْمُلُوكِ وَلا أُعْطِيهِ شَيْئًا. قُلْتُ: أَعْطِهِ دِينَارًا. فَقَالَ: خُذْ هَذَا؛ فَادْفَعْهُ إِلَيْهِ، وَأَعْلِمْهُ أَنِّي لا أَمْلِكُ غَيْرَهُ لِئَلا يَتَوَهَّمَ أَنِّي أَقَلُّ مُرُوءَةٍ مِنَ الْمُلُوكِ. فَدَفَعَ إِلَيَّ صُرَّةً فِيهَا خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا. قَالَ: فَأَخَذْتُهَا فَدَفَعْتُهَا إِلَيْهِ، وَجَعَلَ يُوسُفُ يَعْمَلُ الْخُوصَ بِيَدِهِ حَتَّى مَاتَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>