للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذَلِكَ القبض والبسط وهما حالتان بَعْد ترقي العبد عَن حالة الخوف والرجاء، فالقبض: للعارف بمنزلة الخوف للمستأنف والبسط للعارف بمنزلة الرجاء للمستأنف ومن الفصل بَيْنَ القبض والخوف والبسط والرجاء أَن الخوف إِنَّمَا يَكُون من شَيْء فِي المستقبل إِمَّا أَن يخاف فوت محبوب أَوْ هجوم محذور، وَكَذَلِكَ الرجاء إِنَّمَا يَكُون بتأميل محبوب فِي المستقبل أَوْ بتطلع زوال محذور وكفاية مكروه فِي المستأنف.

وَأَمَّا القبض: فلمعني حاصل فِي الوقت، وَكَذَلِكَ البسط فصاحب الخوف والرجاء تعلق قلبه فِي حالتيه بآجله وصاحب القبض والبسط أخذ وقته بوارد غلب عَلَيْهِ فِي عاجله، ثُمَّ تتفاوت نعوتهم فِي القبض والبسط عَلَى حسب تفاوتهم فِي أحوالهم، فمن وارد يوجب قبضا ولكن يبقى مساغ للأشياء الأخر لأنه غَيْر مستوف، ومن مقبوض لا مساغ لغير وارده يوجب قبضا ولكن يبقى مساغ للأشياء الأخر لأنه غَيْر مستوف ومن مقبوض لا مساغ لغير وارده فِيهِ لأنه مأخوذ عَنْهُ بالكلية بوارده كَمَا قَالَ بَعْضهم: أنا ردم أي لا مساغ فِي، وَكَذَلِكَ المبسوط قَدْ يَكُون فِيهِ بسط يسع الخلق فلا يستوحشن من أَكْثَر الأشياء ويكون مبسوطا لا يؤثر فِيهِ شَيْء بحال من الأحوال.

سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: دَخَلَ بَعْضهم عَلَى أَبِي بَكْر القحطي وَكَانَ لَهُ ابْن يتعاطى مَا يتعاطاه الشباب وَكَانَ ممر هَذَا الداخل عَلَى هَذَا الابن فَإِذَا هُوَ مَعَ أقرانه فِي اشتغاله ببطالته

<<  <  ج: ص:  >  >>