ومن ذَلِكَ الصحو والسكر فالصحو رجوع إِلَى الإحساس بَعْد الغيبة والسكر غيبة بوارد قوي والسكر زيادة عَلَى الغيبة من وجه، وَذَلِكَ أَن صاحب السكر قَدْ يَكُون مبسوطا إِذَا لَمْ يكن مستوفيا فِي سكره، وَقَدْ يسقط أخطار الأشياء عَن قلبه فِي حال سكره، وتلك حال المتساكر الَّذِي لَمْ يستوفه الوارد فيكون للإحساس فِيهِ مساغ وَقَدْ يقوى سكره حَتَّى يَزِيد عَلَى الغيبة، فربما يَكُون صاحب السكر أشد غيبة من صاحب الغيبة إِذَا قوى سكره، وربما يَكُون صاحب الغيبة أتم فِي الغيبة من صاحب السكر إِذَا كَانَ متساكرا غَيْر مستوف، والغيبة قَدْ تكون للعبادة بِمَا يغلب عَلَى قلوبهم من موجب الرغبة والرهبة ومقتضيات الخوف والرجاء، والسكر لا يَكُون إلا لأَصْحَاب المواجد، فَإِذَا كوشف العبد بنعت الجمال حصل السكر، وطالب الروح، وهام القلب وَفِي معناه أنشدوا:
فضحوك من لفظي هُوَ الوصل كُلهُ ... وسكرك من لحظي يبيح لَك الشرابا
فَمَا مل ساقيها وَمَا مل شارب ... عقار لحاظ كأسه يسكر اللبا
وأنشدوا:
فاسكر الْقَوْم دور كأس ... وَكَانَ سكري من المدير
لي سكرتان وللندمان واحدة ... شَيْء خصصت بِهِ من بينهم وحدي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute