للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذَلِكَ المحاضرة والمكاشفة والمشاهدة المحاضرة ابتداء ثُمَّ المكاشفة ثُمَّ المشاهدة فالمحاضرة حضور القلب وَقَدْ يَكُون بتواتر البرهان وَهُوَ بَعْد وراء الستر وإن كَانَ حاضرا باستيلاء سلطان الذكر ثُمَّ بعده المكاشفة وَهُوَ حضوره بنعت البيان غَيْر مفتقر فِي هذه الحالة إِلَى تأمل الدليل وتطلب السبيل ولا مستجير من دواعي الريب ولا محجوب عَن نعت الغيب ثُمَّ المشاهدة وَهِيَ حضور الحق من غَيْر بقاء تهمة فَإِذَا أصحت سماء السر عَن غيوم الستر فشمس الشهود مشرقة عَن برج الشرف وحق المشاهدة مَا قاله الجنيد رحمه اللَّه: وجود الحق مَعَ فقدانك فصاحب المحاضرة مربوط بآياته وصاحب المكاشفة مبسوط بصفاته وصاحب المشاهدة ملقي بذاته وصاحب

المحاضرة يهديه عقله وصاحب المكاشفة يدنيه علمه وصاحب المشاهدة تمحوه معرفته وَلَمْ يزد فِي بيان تحقيق المشاهدة أحد عَلَى مَا قاله عَمْرو بْن عُثْمَان الْمَكِّي رحمه اللَّه ومعني مَا قاله أَنَّهُ تتوالى أنوار التجلي عَلَى قلبه من غَيْر أَن يتخللها ستر وانقطاع كَمَا لو قدر اتصال البروق فكما أَن الليلة الظلماء بتوالي البروق فِيهَا واتصالها إِذَا قدرت تصير فِي ضوء النهار فَكَذَلِكَ القلب إِذَا دام بِهِ دوام التجلي متع نهاره فلا ليل وأنشدوا:

ليلي بوجهك مشرق ... وظلامه فِي النَّاس ساري

<<  <  ج: ص:  >  >>