للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يا بَنِي لا تصحب من لا يحبك إلا معصوما إِنَّمَا ينفعك أَبُو عُثْمَان فِي مثل هذه الحالة قَالَ فتاب أَبُو عَمْرو بْن نجيد وعاد إِلَى الإرادة ونفذ فِيهَا.

سمعت الشيخ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: تاب بَعْض المريدين ثُمَّ وقعت لَهُ فترة فكان يفكر وقتا لو عاد إِلَى توبته كَيْفَ حكمه؟ فهتف بِهِ هاتف يا فُلان أطعتنا فشكرناك ثُمَّ تركتنا فأهملناك وإن عدت إلينا قبلناك فعاد الفتى إِلَى الإرادة ونفذ فِيهَا فَإِذَا ترك المعاصي وجل عَن قلبه عقدة الإصرار وعزم عَلَى أَن لا يعود إِلَى مثله فعند ذَلِكَ يخلص إِلَى قلبه صادق الندم فيتأسف عَلَى مَا عمله ويأخذ فِي التحسر عَلَى مَا صنعه من أحواله وارتكبه من قبيح أعماله فتتم توبته وتصدق مجاهداته واستبدل بمخالطته العزلة وبصحبته مَعَ أخدان السوء التوحش عَنْهُم والخلوة ويصل ليله بنهاره فِي التلهف ويعتنق فِي عموم أحواله بصدق التأسف يمحو بصوب عبرته آثار عثرته ويأسو بحسن توبته كلوم حوبته يعرف من بَيْنَ أمثاله بذنوبه ويستدل عَلَى صحة حاله بنحوله ولن يتم لَهُ شَيْء من ذَلِكَ إلا بَعْد فراغه من إرضاء خصومه والخروج عما لزمه من مظالمه فَإِن أول منزلة من التوبة إرضاء الخصوم بِمَا أمكنه فَإِن اتسع ذَات يده لإيصال حقوقهم إليهم أَوْ سمحت أنفسهم بإحلاله والبراءة عَنْهُ وإلا فالعزم بقلبه عَلَى أَن يخرج عَن حقوقهم عِنْدَ الإمكان والرجوع إِلَى اللَّه بصدق الابتهال والدعاء لَهُمْ وللتائبين صفات وأحوال هِيَ من خصالهم يعد ذَلِكَ من جملة التوبة لكونها من صفاتهم لا لأنها من شرط صحتها وإلى ذَلِكَ تشير أقاويل الشيوخ فِي معني التوبة.

سمعت الأستاذ أبا عَلِي الدقاق رحمه اللَّه يَقُول: التوبة عَلَى ثلاثة أقسام:

<<  <  ج: ص:  >  >>