للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

رؤية النفس وأحوالها وأشد من ذَلِكَ مطالعة الأغراض عَلَى أفعالها , وسمعته يَقُول: سمعت الْحُسَيْن بْن يَحْيَي , يَقُول: سمعت جَعْفَر بْن نصير , يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم الخواص , يَقُول: كنت فِي جبل اللكام فرأيت رومانا فاشتهيته فدنوت فأخذت منه واحدة فشققتها فوجدتها حامضة فمضيت وتركت الرمان فرأيت رجلا مطروحا قَد اجتمع عَلَيْهِ الزنابير , فَقُلْتُ: السَّلام عليك , فَقَالَ: وعليك السَّلام يا إِبْرَاهِيم , فَقُلْتُ: كَيْفَ عرفتني؟ فَقَالَ: من عرف اللَّه تَعَالَى لا يخفى عَلَيْهِ شَيْء , فَقُلْتُ: أرى لَك حالا مَعَ اللَّه تَعَالَى فلو سألته أَن يحميك ويقيك الأذى من هَذَا الزنابير , فَقَالَ: وأنا أرى لَك حالا مَعَ اللَّه تَعَالَى فلو سألته أَن يقيك شهوة الرمان فَإِن لدغ الرمان يجد ألمه الإِنْسَان فِي الآخرة ولدغ الزنابير يجد ألمه فِي الدنيا.

فتركته ومضيت.

وحكى عَن إِبْرَاهِيم بْن شبان , أَنَّهُ قَالَ: مَا بت تَحْتَ سقف ولا فِي موضع عَلَيْهِ غلق أربعين سنة وكنت أشتهي فِي أوقات أَن أتناول شُعْبَة عدس فلم يتفق فكنت وقتا بالشام فحمل إِلَى غضارة لي فِيهَا عدس فتناولت منه وخرجت فرأيت قوارير معلقة فِيهَا شَيْء شبه نموذجات , فظننته خلا , فَقَالَ لي بَعْض النَّاس: إيش تنظر هذه نموذجات الخمر , وَهَذَهِ الدنان خمر , فَقُلْتُ فِي نفسي: لزمني فرض فدخلت حانوت الخمار , وَلَمْ أزل أصب تلك الدنان , وَهُوَ يتوهم أنى أصبها بأمر السلطان فلما علم حملني إِلَى ابْن طولون , فأمر بضربي مائتي خشبة وطرحني فِي السجن فبقيت فِيهِ مدة حَتَّى دَخَلَ أَبُو عَبْد اللَّهِ المغربي أستاذي ذَلِكَ البلد فشفع لي , فلما وقع بصره عَلِي , قَالَ: إيش فعلت؟ فَقُلْتُ: شبعة عدس ومائتي خشبة فَقَالَ لي: نجوت مجانا.

سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي , يَقُول: سمعت أبا الْعَبَّاس البغدادي , يَقُول: سمعت جَعْفَر بْن نصير , يَقُول: سمعت الجنيد , يَقُول: سمعت السري , يَقُول

<<  <  ج: ص:  >  >>