وقيل: فِي معني قَوْله تَعَالَى: {لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا}[الحج: ٥٨] يَعْنِي القناعة، وَقَالَ مُحَمَّد بْن عَلِيّ الترمذي: القناعة رضا النفس بِمَا قسم لَهَا من الرزق، ويقال القناعة الاكتفاء بالموجود وزوال الطمع فيما لَيْسَ بحاصل، وَقَالَ وهب: إِن العز والغنى خرجا يجولان يطلبان رفيقا فلقيا القناعة فاستقرا، وقيل: من كانت قناعته سمينة طابت لَهُ كُل مرقة، ومن رجع إِلَى اللَّه تَعَالَى عَلَى كُل حالة رزقه اللَّه القناعة، وقيل: مر أَبُو حازم بقصاب ومعه لحم سمين، فَقَالَ: خذا يا أبا حازم فَإِنَّهُ سمين، فَقَالَ: لَيْسَ معي درهم، قَالَ: أنا أنظرك فَقَالَ: نفسي أَحْسَن نظرة لي منك، وقيل: من أقنع النَّاس؟ فقيل أكثرهم لِلنَّاسِ معونة وأقلهم عَلَيْهِم مؤنة، وَفِي الزبور: القانع غنى وإن كَانَ جائعا، وقيل: وضع اللَّه تَعَالَى خمسة أشياء فِي خمسة مواضع: العز فِي الطاعة، والذل فِي المعصية، والهيبة فِي قيام الليل والحكمة فِي البطن الخالي، والغنى فِي القناعة.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت نصر بْن مُحَمَّد يَقُول: سمعت سُلَيْمَان بْن أَبِي سُلَيْمَان يَقُول: سمعت أبا القاسم بْن أَبِي نزار يَقُول: سمعت إِبْرَاهِيم المارستاني، يَقُول: انتقم من حرصك بالقناعة كَمَا تنتقم من عدوك بالقصاص، وَقَالَ ذو النون المصري: من قنع استراح من أهل زمانه واستطال عَلَى أقرانه،