وصحب رجل رجلا مدة ثُمَّ بدا لأحدهما المفارقة فاستأذن صاحبه فَقَالَ: بشرط أَن لا تصحب أحدا إلا إِذَا كَانَ فوقنا وإن كَانَ أَيْضًا فوقنا فلا تصحبه لأنك صحبتنا أولا فَقَالَ الرجل: زال من قلبي إرادة المفارقة.
سمعت أبا حاتم الصوفي يَقُول: سمعت أبا نصر السراج يَقُول: سمعت الدقي يَقُول: سمعت الكتاني يَقُول صحبني رجل وَكَانَ عَلَى قلبي ثقيلا فوهبت لَهُ شَيْئًا ليزول مَا فِي قلبي فلم يزل فحملته إِلَى بَيْتِي وقلت لَهُ: ضع رجلك الآن عَلَى خدي فأبي فَقُلْتُ: لابد ففعل واعتقدت أَن لا يرفع رجله من خدي حَتَّى يرفع اللَّه تَعَالَى من قلبي مَا كنت أجده فلما زال عَن قلبي مَا كنت أجده قُلْت لَهُ: ارفع رجلك الآن وَكَانَ إِبْرَاهِيم بْن أدهم يعمل فِي الحصاد وحفظ البساتين وغيره ويتفق عَلَى أَصْحَابه وقيل: كَانَ مَعَ جَمَاعَة من أَصْحَابه فكان يعمل بالنهار وينفق عَلَيْهِم ويجتمعون بالليل فِي موضع وَهُوَ صيام فكان يبطئ فِي الرجوع من العمل فَقَالُوا ليلة تعالوا نأكل فطورنا دونه حَتَّى يعود بَعْد هَذَا أسرع فأفطروا وناموا فلما رجع إِبْرَاهِيم وجدهم نياما فَقَالَ: مساكين لعلهم لَمْ يكن لَهُمْ طَعَام فعمد إِلَى شَيْء من الدقيق كَانَ هناك فعجنه وأوقد عَلَى النار ووضع الملة فانتبهوا وَهُوَ ينفخ فِي النار واضعا محاسنه عَلَى التراب فَقَالُوا لَهُ: فِي ذَلِكَ فَقَالَ: قُلْت: لعلكم لَمْ تجدوا فطورا فنمتم فأحببت أَن تستيقظوا والملة قَدْ أدركت فَقَالَ بَعْضهم لبعض: انظروا إيش الَّذِي عملنا وَمَا الَّذِي بِهِ يعاملنا وقبل كَانَ إِبْرَاهِيم بْن أدهم إِذَا صحبه أحد شارطه عَلَى ثلاثة أشياء أَن تكون الخدمة والأذان لَهُ وأن تكون يده فِي جَمِيع مَا يفتح اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِم من الدنيا كيدهم فَقَالَ لَهُ يوما رجل من أَصْحَابه: أنا لا أقدر عَلَى هَذَا فَقَالَ: أعجبني صدقك وَقَالَ يُوسُف بْن الْحُسَيْن: قُلْت لذي النون: مَعَ من أصحب؟ فَقَالَ: مَعَ من لا تكتمه شَيْئًا يعلمه اللَّه تَعَالَى منك - وَقَالَ سهل بْن عَبْد اللَّهِ لرجل: إِن كنت مِمَّن يخاف السباع فلا تصبحني