وسمعته يَقُول: المعرفة توجب السكينة فِي القلب كَمَا أَن العلم يوجب السكون فمن ازداد معرفته ازدادت سكينته.
سمعت الشيخ أبا عَبْد الرَّحْمَنِ السلمي يَقُول: سمعت أَحْمَد بْن مُحَمَّد بْن زَيْد يَقُول: سمعت الشبلي يَقُول لَيْسَ لعارف علاقة ولا لمحب شكوى ولا لعبد دعوى ولا لخائف قرار ولا لأحد من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ فرار، وسمعته يَقُول: سمعت مُحَمَّد بْن مُحَمَّد بْن عَبْد الْوَهَّاب يَقُول: سمعت الشبلي يَقُول: وَقَدْ سئل عَنِ المعرفة؟ فَقَالَ: أولها اللَّه تَعَالَى وآخرها مالا نهاية لَهُ.
وسمعته يَقُول: سمعت أَبِي يَقُول: سمعت أبا الْعَبَّاس الدينوري يَقُول: قَالَ أَبُو حفص: مذ عرفت اللَّه تَعَالَى مَا دَخَلَ قلبي حق ولا باطل.
قَالَ الأستاذ أَبُو القاسم: وَهَذَا الَّذِي أطلقه أَبُو حفص فِيهِ طرف من الإشكال وأجل مَا يحتمله أَن عِنْدَ الْقَوْم المعرفة توجب غيبة العبد عَن نَفْسه لاستيلاء ذكر الحق سبحانه عَلَيْهِ فلا يشهد غَيْر اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ولا يرجع إِلَى غيره فكما أَن العاقل يرجع إِلَى قلبه وتفكره وتذكره فيما يسنح لَهُ من أمر أَوْ يستقبله من حال فالعارف رجوعه إِلَى ربه فَإِذَا لَمْ يكن مشتغلا إلا بربه تَعَالَى لَمْ يكن راجعا إِلَى قلبه وكيف يدخل المعنى قلب من لا قلب لَهُ، وفرق بَيْنَ من عاش بقلبه وبين من عاش بربه عَزَّ وَجَلَّ.