٢ يقول ديكارت في التأمل الرابع: "ولا يصح كذلك أن أشكو بأن الله لم يهبني حرية اختيار أو إرادة ذات حظ كافٍ من الرحابة والكمال, فالواقع أن تجارب وجداني تشهد بأن لي إرادة ضافية مترامية لا تحصرها حدود ولا تحبسها قيود. ومما يبدو لي هنا جديرا بالملاحظة أنهما من قوة أخرى من قوى نفسي مهما تبلغ من كمال وعظمة، إلا وأتبين أنه كان من الممكن أن تكون أكمل وأعظم مما هي. فإذا نظرت مثلا إلى ما لدي من قوة التصور وجدت أن نطاقها ضيق محدود جدا، وتمثلت في الوقت نفسه فكرة أخرى أوسع منها كثيرًا بل غير متناهية ولا محدودة. وكوني أرى أنه بمقدوري أن أتمثل هذه الفكرة يجعلني أتبين في غير عناء أنها صفة من الصفات التي اختصت بها الذات الإلهية, طبيعة الله. أما الإرادة أو حرية الاختيار فقد خبرتها في نفسي فوجدتها كبيرة للغاية، بحيث لا أتصور غيرها أوسع وأرحب منها. ولما كانت إرادتي بمثل هذه القوة فهي على وجه الخصوص الأمر الذي يجعلني أحكم أنني على صورة الله ومثاله" "التأملات، ترجمتنا العربية ص١٣٣, ١٣٤".