٥٤- كيف نستطيع الحصول على أفكار متميزة عن الجوهر المفكر، وعن الجوهر الجسماني، وعن الله:؟
في استطاعتنا إذن أن نحصل على معنيين أو فكرتين واضحتين ومتميزتين، إحداهما: فكرة جوهر مخلوق يفكر، والأخرى: فكرة جوهر ممتد، على شرط أن نحرص كل الحرص على أن نفصل بين جميع صفات الفكر وبين صفات الامتداد, فنستطيع أن نحصل أيضا على فكرة واضحة متميزة عن جوهر غير مخلوق يفكر ومستقل عما عداه، أعني: عن الله، على شرط أن لا يظن أن هذه الفكرة تمثل لنا كل ما هو فيه١، وأن لا نخلط شيئا بوهم من أوهام أذهاننا, بل أن ننتبه إلى ما هو مفهوم حقا في المعنى المتميز الذي نعرف أنه يخص طبيعة موجود كامل كمالا مطلقا؛ لأنه ما من واحد يستطيع أن ينكر أن هذه الفكرة عن الله موجودة فينا، إذا لم يرد أن يعتقد بلا مسوغ أن الذهن الإنساني لا يستطيع الحصول على أي معرفة لله.
٥٥- كيف نستطيع أيضا أن نحصل على أفكار متميزة عن المدة والترتيب والعدد:؟
ويمكن أن يكون لدينا تصورات متميزة جدا عن المدة والترتيب والعدد إذا كنا لا نخلط في فكرتنا عنها ما هو خاص بفكرة الجوهر، ونقتصر على أن نرى أن مدة كل شيء إنما هي حال أو نحو من الأنحاء ننظر منه إلى ذلك الشيء من حيث إنه مستمر في الوجود، وكذلك الترتيب والعدد لا يختلفان في الواقع عن الأشياء المرتبة والمعدودة, وإنما هما وجهان مختلفان لاعتبارنا هذه الأشياء.
٥٦- ما هي الكيفيات والصفات والوجوه والأحوال:؟
حين أتحدث هنا عن الوجوه أو الأحوال، لا أعني شيئا سوى ما سميته في موضع آخر بالصفات أو الكيفيات. ولكني حين أجعل في الاعتبار أن الجوهر
١ لدينا عن الله فكرة واضحة ومتميزة، ولكنها ليست فكرة تامة.