٥٨- في أن الأعداد و"الكليات" إنما وجودها في فكرنا:
وكذلك العدد الذي ننظر فيه بوجه عام، دون تفكير في أي شيء آخر مخلوق ليس له وجود خارج فكرنا، كما لا وجود في الخارج لجميع تلك الأفكار العامة الأخرى التي يسميها "المدرسيون" باسم الأمور الكلية أو "الكماليات"١.
٥٩- ما هي الكليات:؟
الكليات هي الأفكار التي تقوم في أذهاننا حين نستعمل فكرة واحدة نعقل بها أشياء كثيرة جزئية بينها علاقة معينة. وحين نحيط بجميع الأشياء التي تمثلها لنا هذه الفكرة تحت اسم واحد، يكون هذا الاسم كليا كذلك، فمثلا حين نرى حجرين، ونلاحظ فقط أن هنالك حجرين دون تفكير منا في طبيعتهما، حينئذ نكون في أنفسنا فكرة عدد معين أسميه عدد الاثنين. فإذا رأينا بعد ذلك عصفورين أو شجرتين, ولاحظنا -دون تفكير في طبيعتهما- أن هنالك اثنين, عدنا إلى نفس الفكرة التي ذكرناها من قبل وجعلناها كلية, وكذلك نعطي هذا العدد نفس الاسم الكلي وهو العدد اثنين. وكذلك حين نلاحظ شكلا ذا ثلاثة أضلاع نكون قد تمثلنا فكرة معينة نسميها فكرة المثلث ونستخدمها بعد ذلك على العموم لجميع الأشكال التي ليس لها إلا ثلاثة أضلاع. ولكنا حين نلاحظ بوجه أخص أن الأشكال ذات الأضلاع الثلاثة منها ما هو قائم الزاوية, ومنها ما ليس كذلك، نكون في أنفسنا فكرة كلية عن المثلث القائم الزاوية, فإذا ارتبطت بالفكرة السابقة التي هي أعم وأشمل وأمكن أن تسمى "نوعا" وتكون الزاوية القائمة هي "الفصل" الكلي الذي يميز المثلثات القائمة الزوايا من غيرها من المثلثات
١ الكليات هي الأفكار أو المعاني العامة التي تصدق على الأنواع والأفراد الكثيرة، وقد احتدم النزاع في القرون الوسطى بين العلماء حول هذه الكليات: هل هي موجودة "في الأعيان"؟ أم أن وجودها "في الأذهان" فقط؟