الأخرى, ثم إذا لاحظنا أن المربع المنشأ على وتر المثلث القائم الزاوية يساوي مجموع المربعين المنشأين على الضلعين الآخرين, وأن هذه الخاصية إنما تلائم هذا النوع من المثلثات، استطعنا أن نسميها الخاصة الكلية للمثلثات القائمة الزوايا. وأخيرا إذا فرضنا أن هذه المثلثات القائمة الزاوية منها ما يتحرك, ومنها ما لا يتحرك اعتبرنا ذلك "عرضا" كليا في هذه المثلثات. وهكذا جرت العادة بأن تقسم الكليات خمسة أقسام: الجنس والنوع، والفصل والخاصة، والعرض١.
٦٠- في التمييز الواقعي:
أما العود الذي نلاحظه في الأشياء ذاتها, فيأتي من التمييز الواقع بينها. غير أن التمييز على ثلاثة ضروب: الأول: التمييز الواقعي، والثاني: من حيث الحال, والثالث: التمييز العقلي، أي: الذي يكون من عمل الذهن.
والتمييز الواقعي يوجد في الحقيقة بين جوهرين أو أكثر؛ لأننا نستطيع أن نستنتج تميز جوهرين, أحدهما عن الآخر؛ لأننا مستوثقون بمقتضى ما نعرفه عن الله من أنه قادر على أن يحقق كل ما لدينا عنه فكرة واضحة ومتميزة؛ لذلك نستطيع أن نستخلص من أن لدينا الآن مثلا فكرة جوهر ممتد أو جسماني، وإن كنا لا نعرف بعد على وجه اليقين إذا كان شيء كهذا موجودا الآن في العالم، غير أنه ما دامت لدينا فكرة عنه، فإننا نستطيع أن نستخلص أن من الممكن وجوده، وأنه متى كان موجودا فإن جزءا معينا منه نستطيع أن نحدده بالفكر يجب أن يكون متميزا بالفعل عن أجزائه. وكذلك لأن كل واحد منا يدرك في ذاته أنه يفكر، وأنه يستطيع وهو يفكر أن يبعد عن ذاته أو عن نفسه كل جوهر مفكر أو ممتد. نستطيع أن نستخلص أيضا أن كل واحد منا إذا نظر إليه من هذه
١ ذكر ديكارت هنا مصطلحات الفلسفة "المدرسية", ولكنه قلما يستعملها في فلسفته.