للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الجهة كان متميزا تميزا واقعيا من كل جوهر آخر مفكر، ومن كل جوهر جسماني. ومع أننا نفترض أن الله قد جمع بين جسم ونفس جميعا يستحيل معه أن يتحدا اتحادا أوثق, فجعل من ذلك كلا مؤلفا، فالجوهران يظلان متميزين تميزا حقيقيا على الرغم من هذا الاتحاد؛ لأنه مهما جعل بينهما من وشائج لم يكن في وسعه أن يخلي ذاته مما يملك من قوة الفصل بينهما أو حفظ أحدهما بمعزل عن الآخر، والأشياء التي يقدر الله على الفصل بينها أو حفظها منفصلة هي متميزة في الواقع.

٦١- في التمييز من حيث الحال:

التمييز من حيث الحال على ضربين: أحدهما: بين التي سميناها وجها والجوهر الذي تعتمد الحال عليه وتجعله متنوعا، والثاني: بين وجهين لجوهر واحد. والأول يمكن ملاحظته من حيث إننا نستطيع أن ندرك الجوهر إدراكا واضحا بدون الوجه الذي يختلف عنه على ذلك النحو. ولكن بالعكس لا نستطيع أن نحصل على فكرة متميزة عن وجه بعينه دون أن نفكر في جوهر بعينه، فمثلا هناك تمييز في الحال بين التأكيد أو التذكر وبين الشيء الذي يفكر. أما النوع الآخر من التمييز القائم بين وجهين مختلفين لجوهر واحد، فيلاحظ من أننا نستطيع أن نعرف أحد هذين الوجهين بدون الآخر، كالشكل بدون الحركة والحركة بدون الشكل، ولكننا لا نستطيع أن نفكر بتمييز لا في أحدهما ولا في الآخر إلا ونعرف أنهما يعتمدان جميعا على جوهر واحد. فمثلا إذا تحرك حجر وكان مربعا، نستطيع أن نعرف شكله المربع دون أن نعرف أنه تحرك؛ وبالعكس نستطيع أن نعرف أنه متحرك دون أن نعرف إذا ما كان مربعا، ولكنا لا نستطيع أن نحصل على معرفة متميزة عن هذه الحركة وعن هذا الشكل إذا لم

<<  <   >  >>