للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نعرف أنهما جميعا في شيء واحد، أعني: في جوهر ذلك الحجر. أما التمييز الذي يختلف فيه وجه من وجوه الجوهر عن جوهر آخر أو عن وجه من وجوه جوهر آخر، كما تكون حركة جسم مختلفة عن جسم آخر أو عن شيء يفكر، أو كما تكون الحركة مختلفة عن الشك, فيبدو لي أن الأحرى أن نسميه تمييزا واقعيا من أن نسميه تمييزا من حيث الحال.

٦٢- في التمييز المنطقي "التمييز بالفكر":

التمييز بالفكر عبارة عن أننا نميز أحيانا الجوهر من صفة من صفاته, بدونها لا يكون من الممكن أن يكون لنا به معرفة متميزة، أو أن نحاول الفصل بين صفتين من صفات جوهر واحد، حين نفكر في أحدهما دون أن نفكر في الآخر. وهذا الفصل بيّن بسبب أننا لا نستطيع الحصول على فكرة واضحة متميزة عن ذلك الجوهر إذا جردناه من تلك الصفة، أو بسبب أننا لا نستطيع الحصول على فكرة واضحة متميزة عن صفة أو أكثر من تلك الصفات إذا فصلناها عن الصفات الأخرى. فمثلا من حيث إنه لا يوجد جوهر ينقطع عن الدوام دون أن ينقطع عن الوجود، فالدوام لا يتميز عن الجوهر إلا بالفكر، وعلى العموم جميع الصفات التي تجعلنا حاصلين على أفكار مختلفة عن شيء واحد، مثل امتداد الجسم وخاصيته في أن يكون منقسما إلى أجزاء كثيرة، لا تختلف إحداها عن الأخرى إلا بسبب أننا نفكر أحيانا في إحداها دون أن نفكر في الأخرى على صورة مبهمة, وإني لأذكر أني قد خلطت بين التمييز من حيث الحال، في آخر ردودي على الاعتراضات الأولى التي أوردت على "تأملات" ميتافيزيقاي. ولكن ذلك لا يتنافى مع ما أكتبه هنا؛ لأني لم أكن أقصد هنالك أن أخوض في ذلك الموضوع, فاكتفيت بالتفرقة بينها وبين التمييز الواقعي.

<<  <   >  >>