بالجوهرين ما دمنا لا نعتبرهما جوهرين متقومين بذاتهما, بل إن كلا منهما حال من أحوال الجوهر أو وجه من وجوهه. ذلك أننا متى اعتبرناهما خاصتين للجوهرين اللذين عليهما اعتمادهما تيسر لنا أن نميزهما من الجوهرين، وأن نأخذهما على ما هما عليه في الحقيقة, في حين أننا إذا أردنا أن نعتبرهما بدون الجوهر فربما كان ذلك سببا في أن نأخذهما على أنهما شيئان متقومان بذاتهما، وترتب على ذلك أن نخلط بين الفكرة التي ينبغي أن تكون لدينا عن الجوهر وبين الفكرة التي ينبغي أن تكون لدينا عن خواصه وأحواله.
٦٥- كيف نتصور أيضا خواص الفكر والامتداد, أو صفاتهما المختلفة:؟
على هذا النحو نستطيع أن ندرك بغاية الوضوح أنحاء كثيرة مختلفة للفكر، كالفهم والإرادة والتخيل وما إلى ذلك, وندرك أنحاء كثيرة مختلفة للامتداد أو ما يتعلق بالامتداد كالأشكال جميعا بوجه عام، ووضع الأجزاء وحركاتها، على شرط أن ننظر إليها فقط على أنها أحوال قائمة في الجوهر هي تابعة له، وكالحركة من حيث هي، بشرط أن نقتصر على النظر في الحركة من مكان إلى مكان دون أن نبحث عن القوة التي تحدثها, وهي القوة التي سأحاول مع ذلك أن أبينها في موضعها.
٦٦- كيف أن أحاسيسنا وانفعالاتنا وشهواتنا يمكن معرفتها بوضوح, مع أننا كثيرا ما نخطئ في أحكامنا عليها:؟
لم يبق إلا أحاسيسنا وانفعالاتنا وشهواتنا، ونستطيع أن نعرفها أيضا معرفة واضحة متميزة, إذا ما حرصنا على أن لا ندخل في الأحكام التي نطلقها عليها إلا ما يتيح لنا وضوح إدراكنا أن نعرف معرفة محددة وما تعدنا أذهاننا