للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

٦٨- في ضرورة وجوب التمييز في هذه الأشياء بين ما يمكن أن نخطئ فيه, وبين ما نعرفه في وضوح:

ولكن لكي يتيسر لنا أن نميز في أحاسيسنا بين ما هو واضح, وما هو غامض نستطيع أن نلاحظ أولا أن في إمكاننا أن نعرف الألم واللون والأحاسيس الأخرى معرفة واضحة متميزة إذا ما التزمنا اعتبارها أفكارا فحسب، ولكن إذا أردنا أن نحكم بأن اللون أو الألم شيء قائم خارج فكرنا لم نستطع أن نتصور أي شيء يكون هذا اللون أو هذا الألم. فلو أن قائلا قال: إنه يرى لونا في جسم أو إنه يحس ألما في عضو من أعضاء بدنه، فكأنه قال: إنه رأى أو أحس شيئا ولكنه يجهل طبيعته جهلا تاما، أو إنه لم يعرف ما رأى أو ما أحس. فمع أن الشخص الذي لم ينظر في أفكاره نظر الفاحص قد يوهم نفسه بأنه على إلمام بها، ما دام يفترض أن اللون الذي يظن أنه يراه في شيء من الأشياء يشابه الإحساس الذي يحسه في نفسه، إلا أنه إذا ما تدبر ما يمثله له اللون أو الألم من حيث إنهما موجودان في جسم ملون أو في موضع مجروح، وجد أنه ليس له معرفة به على الإطلاق.

٦٩- في أن معرفتنا للعظام والأشكال وما إليها مختلفة عن معرفتنا للألوان والآلام وغيرها:

إذا ما اعتبرنا العظم في الجسم الذي نشاهده أو الشكل أو الحركة "الحركة المكانية على الأقل؛ لأن الفلاسفة حين تخيلوا أنواعا أخرى من الحركة دلوا على أنهم لا يعرفون طبيعتها الحقيقية"١ أو وضع الأجزاء أو الدوام أو العدد


١ جعل أرسطو الحركة على أنوع:
أ- حركة هي انتقال من العدم إلى الوجود "الكون".
ب- حركة هي انتقال من الوجود إلى العدم "الفساد".
جـ- حركة هي انتقال من الوجود إلى الوجود "التغير".
د- حركة هي الانتقال من مكان إلى مكان "النقلة".
أما ديكارت, فلا يسلم إلا بالحركة المكانية أو حركة النقلة؛ لأنها في نظره هي الحركة بمعناها الدقيق.

<<  <   >  >>