٧٤- في أن العلة الرابعة لأخطائنا هي أننا نربط أفكارنا بألفاظ لا تعبر عنها تعبيرا دقيقا:
وأخيرا لأننا نربط جميع تصوراتنا لكي نعبر عنها باللسان، ولأننا نتذكر الكلام أكثر مما نتذكر الأشياء التي يدل عليها بالألفاظ, فمن العسير علينا أن نتصور أي شيء تصورا متميزا من شأنه أن يفصل فصلا تاما بين ما نتصوره عن الكلمات التي اختيرت للتعبير عنه. ومن هنا كان أكثر الناس يوجهون نظرهم إلى الألفاظ أكثر من الأشياء، وهذا يؤدي بهم غالبا إلى الموافقة على ألفاظ لا يفهمونها ولا يشغلون أنفسهم بفهمها، إما لاعتقادهم بأنهم قد فهموها، أو لأنه قد بدا لهم أن من لقنوهم إياها يعرفون معناها، وأنهم قد تعلموها بالطريقة نفسها. ومع أننا لسنا هنا بصدد البحث في هذه المسألة؛ لأنني لم أثبت بعد وجود أي جسم في العالم، فيبدو لي مع ذلك أن ما ذكرته عن هذا الأمر يمكن أن يفيدنا في التمييز بين تصوراتنا الواضحة المتميزة, وبين تصوراتنا الملتبسة علينا وغير المعروفة لنا.
٧٥- موجز لكل ما ينبغي مراعاته في التفلسف الصحيح:
لذلك إذا أردنا أن نفرغ لدراسة الفلسفة دراسة جدية, وللبحث عن جميع الحقائق التي في مقدورنا معرفتها وجب علينا أن نتخلص أولا من أحكامنا السابقة, وأن نحرص على اطّراح جميع الآراء التي سلمنا بها من قبل، وذلك ريثما تنكشف لنا صحتها بعد إعادة النظر فيها. وينبغي أيضا أن نراجع ما بأذهاننا من تصورات، وأن لا نصدق منها إلا التصورات التي ندركها في وضوح وتميز, وبهذه الطريقة نعرف أولا أننا موجودون باعتبار أن طبيعتنا هي التفكير, ونعرف في الوقت نفسه وجود إله نعتمد عليه. وبعد أن ننظر في صفاته