للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

البشرى والإنتاج والعمل والكسب وتراكم المال١، وكلها موضوعات لم تكن معروفة ليس فقط لمعاصريه, وإنما لم تكن معروفة أيضا لمن جاءوا بعده حتى في أوروبا, إلى أن كتب آدم سميث كتابه المشهور "ثروة الأمم" في عام ١٧٧٦ أي: بعد كتابة المقدمة بحوالي أربعة قرون. ولهذا فإنه من الصعب أن نسلم بأن مفهومه، وطريقة استعماله للفظ المادة يماثل تلك التي قصدها الفلاسفة الذين عاصروه, وهو ما سنشرحه بشيء من التفصيل فيما بعد.

إلا أنه تجدر الإشارة إلى ملاحظتين هامتين, هما:

١- دون أن نقلل بأي شكل من الأشكال من غيرة ابن خلدون على الإسلام, وميله إلى ربط مثله العليا ومبادئه باستدلالاته الدنيوية, فإن إعادة دراسة المقدمة تكشف أن التجاءه إلى الأساليب المادية في معالجة الحياة الواقعية ليس أقل أهمية من أسلوب معالجته التقليدي للجوانب الروحية للحياة والوجود.

٢- رغم اختلاف العلماء في الحكم على أسلوب فكره ومنهجه, فإنهم أجمعوا


١ خصص ابن خلدون فصولا بأكملها ليشرح بالتفصيل التأثير المتبادل بين العوامل الاقتصادية والاجتماعية. وعلى سبيل المثال؛ فقد خصص ستة فصول في الباب الثالث من المقدمة لشرح أسباب قلة وكثرة الجباية المكوس, ومساوئ تدخل السلطات في التجارة. كما خصص ستة فصول أخرى من الباب الرابع لمناقشة مشاكل الرفاهية وأسعار المدن وتأثر العقار في الأمصار واختصاص بعضها ببعض الصنائع دون بعض. وخصص الفصل الخامس كله لدراسة وجوه المعاش من الكسب والصنائع والفلاحة والتجارة ومواضيع أخرى مثل العمل الإنساني. ولمزيد من الاطلاع على الفكر الاقتصادي لابن خلدون انظر:
Rene Maunier, "Les Idees economiques d'unPenseur Arabe du ١٤emesiecle", in: Revue d'Histoire Economique et Sociale ١٩١٣; G.H. Bousquet, Ibn Khaldoun:Les Textes Sociologiques et Economiques de la Muqaddima, ١٣٧٥-١٣٧٩, Paris ١٩٦٥;
محمد حلمي مراد "ابن خلدون أبو الاقتصاد" في: أعمال مهرجان ابن خلدون, منشورات المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، القاهرة ١٩٦٢ صفحات ٣٠٥-٣١٧.

<<  <   >  >>