للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[عصر التابعين وتابعيهم]

وإذا انتقلنا إلى عصر التابعين هالتنا تلك الروايات المتضافرة على كراهة كبار التابعين وأوساطهم وأواخرهم للكتابة، ثم لا نلبث أن تجد كثيرا منهم يتساهلون في أمرها، يرخصون بها أو يحضون عليها، ونجدها أصبحت أمرا رسميا في عصر أوساطهم.

والأسباب التي حملت الخلفاء الراشدين على الكراهة على التدوين، هي التي حملت التابعين عليها، فإذا بطلت أسباب هذه الكراهة قال الجميع قولا واحدا، وأخذوا به وأجمعوا عليه، وهو جواز كتابة العلم، بل وإيثار تقييده التشجيع عليه.

هنا جاء دور الخليفة الورع التقي عمر بن عبد العزيز، حين أمر رسميا بالشروع في تدوين الحديث، إنما استند إلى آراء العلماء، ولعله لم يقدم على ذلك إلا بعد أن استشارهم أو اطمأن إلى تأييد كثرتهم، وإن كانت الأخبار المتضافرة توحي بتفرده في هذه الفكرة؛ لما له في القلوب من منزلة ولا سيما بين معاصريه الواثقين بتقواه وورعه.

ويتضح من جملة الأخبار المروية في هذا الشأن أن خوف عمر عبد العزيز من دروس العلم وذهاب أهله هو الذي حمله على الأمر بالتدوين.

<<  <   >  >>