للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبين هؤلاء وهؤلاء يقع " قدر " هائل " من المشكلات والفروض والرموز والأخيلة والميول والمعتقدات، وهنا مجال الآراء العارضة والتخمينات المتفائلة؛ هنا باختصار يقع كل عالم الرأي المجرد والنزاع حول مسائل الشعور. وينضوي في هذا العالم كل شيء يهتم به الإنسان المتحضر، أكثر اهتمام؛ ولا أريد ان اخطر بالذهن إلا فلسفة الأخلاق والميتافيزيقا والآداب والدين وعلم الجمال والجدل الذي يدور حول الحرية والقومية والعدالة والحب والحق والايمان، وان نعرف كيف نوضح هذه الأمور ونبسطها. ويقف الشعر في هذا العالم، كمادة للبحث، " دخيلا " مرموقاً يتركز حوله الاهتمام، وهو كذلك بطبيعته وبأنموذج البحث الذي جرى العرف على ربطه به. ومن ثم فانه صالح بوجه بارز، كي يكون " طعماً " لكل من شاء أن يتصيد الآراء الراهنة والاستجابات في هذا الميدان المتوسط، من أجل فحصها ومقارنتها، ومن أجل دفع معرفتنا قدماً فيما يسمى التاريخ الطبيعي للآراء والمشاعر الإنسانية.

أن الذي كان يستشرفه رتشاردز، بعبارة أخرى، ليس شيئاً اقل من توسيع منطقة العلم، بما فيها من معلومات موضوعية جمعت تجريبياً، حتى يتخلل ميدان الشعر، وما يضارعه من مناطق الجدل. وقد كان رتشاردز يرجو " بحمل هذه الناحية العلمية إلى مجال أيدلوجية مقارنة " ان يقترح وسائل بداغوجية محسنة تساعد على تحقيق هدفه الثالث. زد إلى هذا أن رتشاردز وجد أن عمله ينطوي على مشمولات تتجه وجهة رابعة، اعني تطوير نقد يتناول ما يجد قبولا في النفوس، وقد أشار إلى هذا بسخرية، بالرغم مما فيه أساساً، من مشتملات جادة، حين

<<  <  ج: ص:  >  >>