للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بقيت وسيلة أخيرة لدراسة رد الفعل عند القراء تستحق الذكر لأنها على الطرف الثاني من الكيموغراف وهي حدس جورج اورول اللبيق الذاتي عن الثقافة الشعبية، في مقالين نشرهما في " ديكنز ودالي وغيرهما " Dickens، Dali Others وهما " أسبوعيات الأولاد " و " فن دونالد مكجل ". ويطور أورول وسيلة من الحدس الصرف لدراسة الآثار الاجتماعية لكل من المجلات التافهة المخصصة للمراهقين والبطائق الهزلية. وطريقته تكاد تكون عكساً مباشراً لطريقة رتشاردز؛ كلا الرجلين مهتم بآثار العمل الفني في القارئ، ولكن رتشاردز يتجه بالتالي نحو القارئ، ويتجه أورول إلى الأثر الفني. ويبدأ أورول في " أسبوعيات الأولاد " بالحديث عن محتويات الدكان الصغير الذي يملكه بائع الصحف في أي مدينة إنجليزية كبرى ويلحظ أن " محتويات هذه الدكاكين لعلها خير شيء قريب المتناول لبيان ما يشعر به جمهور الشعب الإنجليزي وما يفكرون فيه " ثم يركز الحديث على " أسبوعيات " الأولاد التي تباع ببنسين و " المصورات المفزعة " ذات البنس ويؤرخ لها ويتحدث عن توزيعها وآثرها وعن محتوياتها بإسهاب، ويطلق يده في الاقتباس. ثم يصنع تخمينات بارعة عن القراء وحياتهم وعقولهم، وما تصنعه المجلات من أجلهم، وما الدوافع والحاجات التي ترضيها لديهم، لكي تكفل لنفسها انتشاراً وقبولاً، كل ذلك بدراسة متأنية لأعمدة المراسلات والإعلانات والمحتويات الأصيلة للمجلات. ويجد عالماً كاملاً من الأوهام ويستكشف مضموناتها الاجتماعية والسياسية بتفصيل، والقطعة حقاً مؤيدة بالوثائق بعناية واسعة الاطلاع، وهي دراسة جد قيمة سيكولوجية اجتماعية لنموذج من الأدب التجاري كما ينظر إليه من زاوية القارئ.

<<  <  ج: ص:  >  >>