للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المتكلم والسامع) (١) أثراً بعيد المدى. حتى إن الرأي النقدي الذي عرضه رتشاردز في " رأي كولردج في الخيال " ناظراً إلى أن التقييم النقدي هو في أوسع حدوده " مشاركة اجتماعية " ليس إلا فكرة مالينووسكي في صورة جديدة من السبك.

أما العلاقة بين رتشاردز وديوي فأنها تمثل مشكلة واقعية، فهو يقتبس من ديوي - عابراً - مرة اخرى، حسبما يتأدى إليه علمي، في " معنى المعنى " ويذكره باحتقار في " الأساسي في التعليم " ولم يقدم أي اعتراف يدل انه على معرفة بمؤلفات ديوي وآرائه (وإذا كان غير عارف به فذلك شاهد مخزن أخر على ميل عند اكثر المقروئين من النقاد الإنجليز - وكودول مثل آخر - ميل الاستخفاف بالفكر الأميركي المتميز) . أما اوغدن من الناحية الأخرى فقد كان جاداً في الاقتباس من ديوي منذ عهد مبكر يعود إلى عام ١٩٢٦ في " معنى السيكولوجيا " ومن المشكوك فيه إلى حد بعيد ان يكون رتشاردز قد جانب الاحتكاك بأفكار ديوي، وهو الذي عاش سنوات في اميركة، وله اهتمام خاص بالفلسفة، كما أن ديوي ألقى حينئذ محاضرات جفورد في ادنبره. وعلى أية حال فقد تقدم القول بان اكبر إسهام أساسي لرتشاردز في كتاب " مبادئ النقد "، أي النظرة التي أحدثت ثورة نقدية وبها بدأت الحركة الجديدة، وهي ان التجربة الجمالية مثل أية تجربة إنسانية أخرى - إنما هي إعادة - في قالب جديد - لنظرة تميز بها ديوي في الفكر الحديث. فمنذ سنة ١٩٠٣


(١) يعني مالينووسكي بهذا إن شخصاً ما قد يتحدث إلى آخر في نوع من الثرثرة ويوافق على هذا بداهة ويرفض ذاك ويقضي بآراء خاصة عن حياته وتجاربه والآخر مستمع له ينتظر دوره حتى يقول شيئاً في هذا المضمار، وهذا يرضي المتكلم ويشبع عنده رغبة خاصة، بدائياً كان أم غير بدائي، ففي مثل هذه المواقف يتم الترابط الاجتماعي بين اثنين بمجرد تبادل الكلمات. ولكن أحقا إن الكلمات في هذه المشاركة الاجتماعية ذات معان، ينكر مالينووسكي هذا ويقول: في هذه الحالة تؤدي الكلمات مهمة اجتماعية ولكنها ليست نتيجة تأمل فكري ولا تثير تأملا فكرياً عند السامع.

<<  <  ج: ص:  >  >>