الزراعة لضرورتهم إلى القوت، والحاجة ماسة للمزارعة على الأرض إذ ليس كل أحد يملك أرضاً وليس كل من يملك أرضاً يستطيع زراعتها بنفسه فاحتيج للمزارعة عليها ومعرفة حكم الشرع في ذلك.
وإنّ من خير من ألّف في هذا الموضوع الإمام القاضي بدر الدين ابن جماعة حيث أفرد المزارعة بكتابه الذي سماه "تنقيح المناظرة في تصحيح المخابرة". وهو هذا الكتاب الذي أقدم له. وإن هذا الكتاب مع صغر حجمه فإنه يكشف عن غزارة علم مؤلفه وسعة إطلاعه على أقوال أهل العلم من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وأصحابهم مع معرفته بالأدلة وحسن عرضه للمسائل الفقهية ووضوح عبارته واعتماده على الدليل وقد خالف إمامه الشافعي هنا لأن الدليل يدل على جواز المزارعة, ولا غرو في ذلك فبدر الدين ابن جماعة محدِّث فقيه قاض بل قاضي القضاة في وقته.
وقد عثرت على الكتاب في قسم المخطوطات بالجامعة الإسلامية ضمن مجموع يحتوي على عدة رسائل وقد قرأت الكتاب فألفيته كتاباً مفيداً فرأيت أن من المناسب تحقيقه ونشره للاستفادة منه. وأسأل الله العلي القدير أن يجعل عملي خالصاً لوجهه الكريم وأن يوفقنا للعلم النافع والعمل الصالح إنه جواد كريم.
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.