للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[حديث المصراة رواية ودراية]

...

حديث المصراة رواية من رواه بلفظ التمر

قال الإمام البخاري- رحمه الله تعالى-:

١_حدثنا ابن بكير، حدثنا الليث، عن جعفر بن ربيعة، عن الأعرج، قال أبو هريرة رضي الله عنه، عن النبي فصلى الله عليه وسلم: "لا تصروا١ الإبل والغنم فمن ابتاعها بعد فإنه بخير النظرين بعد أن يحتلبها إن شاء أمسك وإن شاء ردها وصاع تمر"، وبذكر عن أبي صالح٢


١ قال الخطابي اختلف أحمل العلم واللغة في تفسير المصراة ومن أين أخذت واشتقت؟ فقال الشافعي: التصرية: أن يربط إخلاف الناقة والشاة، وتترك من الحلب اليومين والثلاثة حتى يجتمع لها لبن، فيراه مشتريها كثيرا، ويزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها فإذا حلبها بعد تلك الحلبة حلبة أو اثنين عرف أن ذلك ليس بلبنها وهذا غرور للمشتري. انظر مختصر المزني ص ٨٢.
وقال أبو عبيد المصراة الناقة، أو البقرة، أو الشاة التي صري اللبن في ضرعها يعني حقن فيه وجمع أياما، فلم يحلب، وأصل التصرية حبس الماء وجمعه يقال منه صريت الماء، ويقال إنما سميت الصراةَ، كأنها مياه اجتمعت وقال أبو عبيد ولو كان من الربط لكان مصرورة أو مصررة قال الخطابي كأنه يريد به ردا على الشافعي تم قال قول أبي عبيد حسن، وقول الشافعي صحيح والعرب تصر ضروع الحلوبات إذا أرسلتها تسرح، ويسمون ذلك الرباط. صرارا فإذا راحت حلت تلك الأصرة وحلبت. معالم السنن مع مختصرها للمنذريَ، كتاب البيوع ٥/ ٨٤، تحقيق محمد حامد الفقي.
ولعل قول الخطابي أحسن ما قِيل في هذا المعنى لأنه كالجمع بين القولين لورودها عن العرب وقد مال ابن حجر إلى قول أبي عبيد فقال بعد ذكر القولين والأول أصح لأنه من صريت اللبن في الضرع إذا جمعته وليس من صررت الشيء إذا ربطته إذ لو كان منه لقيل مصرورة أو مصررة ولم يقل مصراة على أنه قد سمع الأمران في كلام العرب. فتح الباري: ٤/٣٦٢.
ولعل الأصل كما قال الإمام الشافعي رحمه الله لأن من أراد أن يجمع اللبن في ضرع الناقة فإنه يبدأ بربط إخلافها بالصرار الذي هو الخيط مع التواديَ فالخيط يسمى صرارا والأعواد تسمى التواديَ لئلا يرضعها ولدها هذا الغالب فلعل ما قال الإمام الشافعي هو الأصل لما ذكر والله أعلم.انظر اللسان في مادة صرر ٤/ ٢٤٣٠، وقد وجه الخطابي هذا فقال وقد يحتمل أن تكون المصراة أصله المصرورة، أبدل إحدى الراءين ياء كقولهم تقضى البازي وأصله تقضض، كرهوا اجتماع ثلاثة أحرف من جنس واحد في كلمة واحدة فأبدلوا حرفا منها بحرف آخر ليس من جنسها ومن هذا قول الله تعالى: {وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} ! أي اخملها بمنع الخير. وأصله دسستها ومثل هذا في الكلام كثير. معالم السنن مع مختصرها للمنذريَ٥/ ٨٤.
٢ أشار البخاري رحمه الله تعالى إلى اختلاف ألفاظ الحديث التي ورد بها فقوله عن أبي صالح يشير إلى ما رواه مسلم عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من ابتاع شاة ٠٠مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعا من تمر". صحيح مسلم كتاب البيوع، باب: ٧جـ٣ ص ١١٥٨، تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

<<  <   >  >>