للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتحسينه من ظاهر وباطن؟ الخ) (١) ؟ ولهذا التف أوائل النقاد إلى حياة البداوة في اختيار المصطلح، فكان مصطلح " الفحولة " الذي اختاره الأصمعي، وربما لم يكن هو اول من استعمله، مستمدا من طبيعة حيوان الصحراء - وخاصة الحمل - قبل أن يكون مستمدا من حقيقة التماييز بين الرجال في هذه الصفة، واستعار صاحب كتاب " قواعد الشعر " مصطلحه من الخيل حين جعل الأبيات غراء ومحجلة ومرجلة، ومن المدهش أن حازماً رغم اتساع المصطلح لديه عاد - بعد قرون - يستعمل مصطلحين مستمدين من الفرس وهما التسويم والتحجيل، ولم يكف النقاد عن الالتفات للبداوة في اختيار المصطلح، وحسبما أن نذكر مصطلح " عمود الشعر " الذي نلقاه لأول مرة عند الآمدي، فأنه وثيق الصلة بالخباء.

غير أن المنبع البدوي لا يستطيع أن يمد الناقد بكل ما يحتاجه من مصطلحات وخاصة حين يخضع الشعر لتفننات الصنعة على مر الزمن أو تقوى فيه التيارات الثقافية، فجمع ابن المعتز عدداً من المصطلحات في كتاب " البديع " من أبرزها " الأثر الكلامي " - وهو مصطلح يدل على أثر الاعتزال في طبيعة التعبير وفي المصطلح النقدي على السواء. غير أن محاولة ابن المعتز تعد أولية ساذجة إذا نحن قارناها بما صنعه قدامة، فغن التفات قدامة إلى قيمة المعنى جعله يحاول إيجاد " منطق " للشعر، منطبق تماماً على أصول المنطق العقلي، ولهذا كان أول من حدد جودة المعنى: بصحة التقسيم وصحة المقابلات وصحة التفسير والتكافؤ؟ الخ؛ وجعل أضدادها دلالة على رداءة المعنى أو فساده؛ ورغم التعديلات الكثيرة التي أجراها النقاد من بعد على مصطلحات قدامة - كالحاتمي مثلاً - فإنها التي ميزته لدى النقاد اللاحقين؛ هذا في المعاني من حيث قيام الشعر بها. أما المعاني من حيث تداولها فقد تطلبت مصطلحاً آخر مثل الأخذ والتوارد


(١) مناهج البلغاء: ٢٥٠ - ٢٥١.

<<  <   >  >>