منحى من المقاصد؟ " (١) ، وليس من الضروري أن تكون " الفصول " التي يتحدث عنها حازم هي الموضوعات المتعددة - وان كان لا ينكر تعدد تلك الموضوعات، وربما كانت " دورات " من النقلات النفسية في موضوع واحد، وعندئذ يكون الحديث عن الفصول لا يعني تجزئتها وإنما يعني تماسك الدورات فيها.
لهذا يمكن أن يقال أن نقاد العرب عالجوا قضية الوحدة من خلال التكثر، في كل العصور، خضوعاً للمثال الشعري، ولم يهتموا بأنواع أخرى من الوحدة، كالوحدة النفسية عند الشاعر، أو الوحدة الصورية، أو الوحدة العضوية.
٢ - قضية الصدق والكذب في الشعر:
تباينت مواقف النقاد كثيراً حول هذه القضية فمنهم من ربط الشعر الحق بالصدق ونفى عنه الكذب، ومنهم من جعل الكذب سبباً لرفض الشعر، ومنهم من وقف حائراً إزاءها لا يدري ماذا يقول، ومنهم من اشتق لنفسه طريقاً وسطاً.
وأول من أثار القضية بوضوح حاسم هو ابن طباطبا، فقد ربط الشعر بالصدق من النواحي المختلفة: الصدق في التشبيه، والصدق في الشاعر والصدق في القصيدة؟ الخ: ورأيه يتلاءم وأساس نظريته في التناسب، فالتناسب هو سر الجمال، والصدق صنو للتناسب الجمالي في القصيدة، ثم أن التناسب عمل ذهني يعرض على العقل ليقبله أو يحكم فيه، والعقل لا يطمئن إلا إلى الصدق وهو يستوحش من الكلام الجائر الباطل؛ والصدق أيضاً يعني السلامة من الخطأ في اللفظ والتركيب والمعنى، وهذه أمور لابد
(١) مناهج البلغاء: ٢٩٦ وانظر كيف يقر حازم تعدد الموضوعات في تسميته القصائد التي تشتمل غير موضوع واحد " القصائد المركبة " (ص: ٣٠٣) .